ونصلحها ، فنزلت. أو بالإمساك وحبّ المال ، فإنّه يؤدّي إلى الهلاك المؤبّد ، ولذلك سمّي البخل هلاكا ، وهو في الأصل انتهاء الشيء في الفساد.
والإلقاء طرح الشيء. وعدّي بـ «إلى» لتضمّن معنى الانتهاء. وقيل : الباء مزيدة. والمراد بالأيدي الأنفس. والتهلكة والهلاك والهلك واحد ، فهي مصدر ، ومثله التضرّة والتسرّة ، أي : لا توقعوا أنفسكم في الهلاك. وقيل : معناه : لا تجعلوها آخذة بأيديكم ، أو لا تلقوا بأيديكم أنفسكم إليها ، فحذف المفعول.
(وَأَحْسِنُوا) أعمالكم وأخلاقكم ، أو تفضّلوا على المحاويج بالاقتصاد (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) في الأعمال والأخلاق ، أو المقتصدين في الإنفاق.
وفي الآية دلالة على تحريم الإقدام على ما يخاف منه على النفس ، وعلى جواز ترك الأمر بالمعروف عند الخوف ، لأنّ في ذلك إلقاء النفس إلى التهلكة.
وفيها دلالة على جواز الصلح مع الكفّار والبغاة إذا خاف الإمام على نفسه أو على المسلمين ، كما فعله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عام الحديبية ، وفعله أمير المؤمنين عليهالسلام بصفّين ، وفعله الحسن عليهالسلام مع معاوية من المصالحة لمّا تشتّت أمره وخاف على نفسه وشيعته.
فإن عورضنا بأنّ الحسين عليهالسلام قاتل وحده؟
فالجواب أنّ فعله عليهالسلام يحتمل وجهين :
أحدهما : أنّه ظنّ أنّهم لا يقتلونه ، لمكانه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والآخر : أنّه غلب على ظنّه أنّه لو ترك قتالهم قتله الملعون ابن زياد صبرا ، كما فعل بابن عمّه مسلّم ، فكان القتل مع عزّ النفس والجهاد أهون عليه.