آباءَكُمْ) كما تفعلون بذكر آبائكم في المفاخرة ، أو تعداد محاسن آبائكم (أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) مجرور عطفا على ما أضيف إليه الذكر في قوله : «كذكركم» بمعنى : أو كذكر قوم أشدّ منكم ، أو منصوب عطفا على «آباءكم» وذكرا من فعل المذكور بمعنى : أو كذكركم أشدّ مذكوريّة من آبائكم.
ثمّ فصّل الذاكرين إلى مقلّ لا يطلب بذكر الله إلّا الدنيا ، وإلى مكثر يطلب به خير الدارين ، وبه حثّ على الإكثار والإرشاد إليه ، فقال : (فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا) اجعل إيتاءنا ومنحتنا في الدنيا (وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) من نصيب وحظّ ، لأنّ همّته مقصورة على الدنيا الدّنيّة ، أو من طلب خلاق (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) من الصحّة والكفاف وتوفيق الطاعات والخيرات (وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) من الثواب العظيم والأجر الجزيل (وَقِنا عَذابَ النَّارِ) بالعفو والمغفرة.
وروي عن عليّ عليهالسلام : «الحسنة في الدنيا المرأة الصالحة ، وفي الآخرة الحوراء ، وعذاب النار امرأة السّوء».
وعن الحسن : «الحسنة في الدنيا العلم والعبادة ، وفي الآخرة الجنّة». و (قِنا عَذابَ النَّارِ) معناه : احفظنا من الشهوات والذنوب المؤدّية إلى النار. وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «من أوتي قلبا شاكرا ، ولسانا ذاكرا ، وزوجة مؤمنة تعينه على أمر الدنيا وآخرته ، فقد أوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ، ووقي عذاب النار».
(أُولئِكَ) إشارة إلى الفريق الثاني ، أي : أولئك الداعون بالحسنتين (لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا) من جنس ما اكتسبوا من الأعمال الحسنة ، وهو الثواب الّذي هو المنافع الحسنة ، أو من أجل ما كسبوا ، أو لهم نصيب ممّا دعوا به نعطيهم منه بحسب مصالحهم في الدنيا واستحقاقهم في الآخرة. وسمّي الدعاء كسبا لأنّه من الأعمال ، والأعمال موصوفة بالكسب. ويجوز أن يكون «أولئك» للفريقين ، فإنّ