فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم باليهوديّين فرجما ، فغضب اليهود لذلك ، فنزلت».
(ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ) طائفة منهم عن الداعي. وفي «ثمّ» استبعاد لتولّيهم مع علمهم بأن الرجوع إلى كتاب الله واجب. (وَهُمْ مُعْرِضُونَ) وهم قوم عادتهم الإعراض. والجملة حال من «فريق» ، وإنّما ساغ لتخصّصه بالصفة.
(ذلِكَ) إشارة إلى التولّي والاعراض (بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) أي : قلائل ، أربعين يوما عدد أيّام عبادتهم العجل ، أو سبعة أيّام. يعني : جرأتهم على التولّي والتعرّض بسبب تسهيلهم أمر العقاب على أنفسهم ، لهذا الاعتقاد الزائغ والطمع الفارغ ، من خوف الخلود في النار (وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) من أنّ النار لن تمسّهم إلّا أيّاما قلائل ، أو أنّ آباءهم الأنبياء يشفعون لهم ، أو أنّه تعالى وعد يعقوب عليهالسلام أن لا يعذّب أولاده إلّا تحلّة القسم ، أو أنّهم أبناء الله وأحبّاؤه.
(فَكَيْفَ) يصنعون (إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ) أي : لجزاء يوم (لا رَيْبَ فِيهِ) أي : لا شكّ في وقوعه لمن نظر في الأدلّة. فهذا استعظام لما يحيق بهم في الآخرة ، وتكذيب لقولهم : (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ).
روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنّ أوّل راية ترفع يوم القيامة من رايات الكفّار راية اليهود ، فيفضحهم الله تعالى على رؤوس الأشهاد ، ثمّ يأمر بهم إلى النار».
(وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) جزاء ما كسبت (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) الضمير يرجع إلى «كلّ نفس» على المعنى ، لأنّه في معنى : كلّ إنسان.
وفي الآية دلالة على أنّ العبادة لا تحبط ، وأنّ المؤمن لا يخلّد في النار ، لأنّ توفية جزاء إيمانه وعمله الصالح لا تكون في النار ولا قبل دخولها ، فإذن هي بعد الخلاص منها.