قال لهم الأسقف : انظروا محمدا في غد ، فإن غدا بولده وأهله فاحذروا مباهلته ، وإن غدا بأصحابه فباهلوه ، فإنّه على غير شيء.
فلمّا كان الغد جاء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم آخذا بيد عليّ ، محتضنا الحسين ، والحسن يمشي بين يديه ، وفاطمة ابنته تمشي خلفه ، وهو يقول : إذا أنا دعوت فأمّنوا.
وخرج النصارى يتقدّمهم أسقفهم ، فلمّا رأي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أقبل بمن معه سأل عنهم ، فقيل له : هذا ابن عمّه ، وزوج ابنته ، وأحبّ الخلق إليه. وهذان ابنا بنته من علي عليهالسلام. وهذه الجارية بنته فاطمة ، أعزّ الناس عليه ، وأقربهم إلى قلبه.
وتقدّم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وجثا على ركبتيه.
فقال أبو حارثة الأسقف : والله جثا كما جثا الأنبياء للمباهلة. فجبن ولم يقدم على المباهلة.
فقال له السيّد : ادن يا أبا حارثة للمباهلة.
فقال : لا ، إنّي لأرى رجلا جريئا على المباهلة ، وأنا أخاف أن يكون صادقا ، ولئن كان صادقا لم يحل والله علينا الحول وفي الدنيا نصرانيّ يطعم الماء! فقال الأسقف : يا أبا القاسم رأينا أن لا نباهلك ، وأن نقرّك على دينك ، ونثبت على ديننا.
قال : فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا ، يكن لكم ما للمسلمين ، وعليكم ما عليهم. فأبوا.
قال : فإنّي أناجزكم.
فقالوا : مالنا بحرب العرب طاقة ، ولكن نصالحك ، فصالحنا على أن لا تغزونا ، ولا تخيفنا ، ولا تردّنا عن ديننا ، على أن نؤدّي إليك كلّ عام ألفي حلّة من حلل الأواقي ، ألفا في صفر ، وألفا في رجب ، قيمة كلّ حلّة أربعون درهما ، فما زاد أو نقص فعلى حساب ذلك. وعلى ثلاثين درعا عادية من حديد ، وثلاثين رمحا ،