فقبل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رأيه. فقال عليهالسلام : رأيت في منامي بقرا مذبوحا حولي ، فأوّلتها خيرا. ورأيت في ذباب (١) سيفي ثلما ، فأوّلته هزيمة. ورأيت كأنّي أدخلت يدي في درع حصينة ، فأوّلتها المدينة.
فخرج مع نفر من أصحابه يتبوّءون موضع القتال. وقعد عنه عبد الله بن أبي سلول ، وتبع رأيه جماعة من الخزرج. ووافت قريش إلى أحد. وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عبّأ أصحابه ، وكانوا سبعمائة رجل ، ووضع عبد الله بن جبير في خمسين من الرماة على باب الشعب كمينا ، فقال لهم : إن رأيتمونا قد هزمناهم حتى أدخلناهم مكّة فلا تبرحوا من هذا المكان ، وإن رأيتموهم قد هزمونا حتى أدخلونا المدينة فلا تبرحوا والزموا مراكزكم.
ووضع أبو سفيان خالد بن الوليد في مائتي فارس كمينا ، وقال : إذا رأيتمونا قد اختلطنا فاخرجوا عليهم من هذا الشعب حتى تكونوا وراءهم.
وعبّأ رسول الله أصحابه ، ودفع الراية إلى أمير المؤمنين عليهالسلام. فحمل الأنصار على مشركي قريش فانهزموا هزيمة قبيحة ، وأصحاب رسول الله وقعوا في سوادهم حتى ظهروا عليهم. ونظر أصحاب عبد الله بن جبير إلى أصحاب رسول الله ينتهبون سواد القوم فقالوا لعبد الله بن جبير : قد غنم أصحابنا ونبقى نحن بلا غنيمة. فقال لهم عبد الله : اتّقوا الله ، فإنّ رسول الله قد أمرنا أن لا نبرح من هاهنا ، فلم يقبلوا منه ، فانسلّ رجل فرجل حتى أخلوا مراكزهم ، وبقي عبد الله بن جبير في اثني عشر رجلا.
وكانت راية قريش مع طلحة بن أبي طلحة العبدي من بني عبد الدار ، فقتله عليّ عليهالسلام. فأخذ الراية أبو سعيد بن أبي طلحة ، فقتله عليّ عليهالسلام. وسقطت الراية فأخذه مسافع بن أبي طلحة فقتله عليّ عليهالسلام ، حتى قتل تسعة من بني عبد الدار ، حتى
__________________
(١) ذباب السّيف : طرفه الذي يضرب به.