العهد لضربت عنقك. فشكاه إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وجحد ما قاله ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
ومعنى سماع الله له : أنّه لم يخف عليه ما قالوا ، وأنّه أعدّ لهم العقاب عليه.
(سَنَكْتُبُ ما قالُوا) سنكتبه في صحائف الحفظة ، أو نثبته في علمنا ولا نهمله ، ولن يفوتنا إثباته ، لأنّه كلمة عظيمة ، إذ هو كفر بالله واستهزاء بالقرآن والرسول ، ولذلك نظمه في سلك قتل الأنبياء ، وقال عطفا على ما قالوا : (وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍ) يعني : أنّهما في العظم أخوان ، وأنّ هذا ليس بأوّل ما ركبوه من العظائم ، وأنّ من قتل الأنبياء لم يستبعد منه الاجتراء على مثل هذا القول.
والمعنى : سنكتب قتل أسلافهم الأنبياء ورضا هؤلاء ، فنجازي كلّا بفعله. وفيه دلالة على أنّ الرضا بفعل القبيح يجري مجراه في عظم الجرم.
(وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) أي : وننتقم منهم ، بأن نقول لهم يوم القيامة : ذوقوا العذاب المحرق.
وقرأ حمزة : «سيكتب» بالياء وضمّها وفتح التاء ، «وقتلهم» بالرفع ، و «يقول» بالياء. وفيه مبالغات في الوعيد.
والذوق إدراك الطعوم ، وعلى الاتّساع يستعمل لإدراك سائر المحسوسات والحالات.
(ذلِكَ) إشارة إلى العذاب (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) من قتل الأنبياء ، وقولهم هذا ، وسائر معاصيهم. عبّر بالأيدي عن الأنفس ، لأنّ أكثر أعمالها بهنّ ، فجعل كلّ عمل كالواقع بالأيدي على التغليب (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) عطف على ما قدّمت. وسببيّته للعذاب من حيث إنّ نفي الظلم يستلزم العدل المقتضي إثابة المحسن ومعاقبة المسيء. فالمعنى : أنّه عادل عليهم ، فيعاقبهم على حسب استحقاقهم. وإنّما ذكر لفظ ظلّام وهو للتكثير ، تأكيدا لنفي الظلم عنه بالنسبة إلى كلّ فرد من أفراد خلقه.