الباصرة منها رسوم تلك في الهواء المضيء المواصل للبصر المنجاز بشعاع البصر. فإذا حصلت تلك الرسوم في الهواء عاد ما في الهواء ، فيرتسم من رأس في القوة الباصرة التي في العين ، وينعكس ذلك إلى الحاس المشترك والى القوة المتخيلة. ولأن هذه كلها متّصلة بعضها ببعض ، فيصير ، ما أعطاه العقل الفعّال من ذلك ، مرئيا لهذا الانسان.
فإذا اتفق أن كانت التي حاكت بها القوة المتخيلة أشياء محسوسات في نهاية الجمال والكمال ، قال الذي يرى ذلك أن للّه عظمة جليلة عجيبة ، ورأى أشياء عجيبة لا يمكن وجود شيء منها في سائر الموجودات أصلا. ولا يمتنع أن يكون الانسان ، إذا بلغت قوته المتخيلة نهاية الكمال ، فيقبل ، في يقظته ، عن العقل الفعّال ، الجزئيات الحاضرة والمستقبلة ، أو محاكياتها من المحسوسات ، ويقبل محاكيات المعقولات المفارقة وسائر الموجودات الشريفة ، ويراها. فيكون له ، بما قبله من المعقولات ، نبوة بالأشياء الالهية. فهذا هو أكمل المراتب التي تنتهي إليها القوة المتخيلة ، وأكمل المراتب التي يبلغها الانسان بقوته المتخيلة (١).
ودون هذا : من يرى جميع هذه ، بعضها في يقظته ، وبعضها في نومه؛ ومن يتخيل في نفسه هذه الأشياء كلها لا يراها ببصره. ودون هذا من يرى جميع هذه في نومه فقط. وهؤلاء تكون أقاويلهم التي يعبرون بها أقاويل محاكية ورموزا وألغازا وابدالات وتشبيهات.
_________________
١) اذا كان ما يعطيه العقل الفعّال للمتخيلة معقولات شريفة وكانت تمثيلاتها في المتخيلة في نهاية الجمال والكمال قال الذي يراها إن له نبوة بالأشياء الإلهية.