وإذا حصل ذلك في كلا جزئي قوته الناطقة ، وهما النظرية والعملية ، ثم في قوته المتخيلة ، كان هذا الانسان هو الذي يوحى إليه. فيكون اللّه ، عز وجل ، يوحي إليه بتوسّط العقل الفعّال ، فيكون ما يفيض من اللّه ، تبارك وتعالى ، إلى العقل الفعّال يفيضه العقل الفعّال إلى عقله المنفعل بتوسّط العقل المستفاد ، ثم إلى قوته المتخيلة. فيكون بما يفيض منه إلى عقله المنفعل حكيما فيلسوفا ومتعقلا على التمام (١) وبما يفيض منه إلى قوته المتخيلة نبيا منذرا بما سيكون ومخبرا بما هو الآن (عن) الجزئيات ، بوجود يعقل فيه الإلهي. وهذا الانسان هو في أكمل مراتب الانسانية وفي أعلى درجات السعادة. وتكون نفسه كاملة متّحدة بالعقل الفعّال على الوجه الذي قلنا. وهذا الانسان هو الذي يقف على كل فعل يمكن أن يبلغ به السعادة. فهذا أول شرائط الرئيس. ثم أن يكون له مع ذلك قدرة بلسانه على جودة التخيل بالقول لكل ما يعلمه ، وقدرة على جودة الارشاد إلى السعادة ، وإلى الأعمال التي بها تبلغ السعادة ، وأن يكون له مع ذلك جودة ثبات ببدنه لمباشرة أعمال الجزئيات (٢).
_________________
١) إذا صار العقل المنفعل عقلا بالفعل وصار العقل بالفعل عقلا مستفادا واتصل العقل المستفاد بالعقل الفعّال أصبح هذا الانسان فيلسوفا.
٢) وأما النبي فيتصل بالعقل الفعّال أيضا ولكن بواسطة المخيلة.