للمادة ، ومقاربة من العقل الفعّال ، ويسمّى العقل المستفاد ، ويصير متوسطا بين العقل المنفعل وبين العقل الفعّال ، ولا يكون بينه وبين العقل الفعّال شيء آخر. فيكون العقل المنفعل كالمادة والموضوع للعقل المستفاد ، والعقل المستفاد كالمادة والموضوع للعقل الفعّال. والقوة الناطقة ، التي هي هيئة طبيعية ، تكون مادة موضوعة للعقل الفعّال الذي هو بالفعل عقل (١).
وأول الرتبة التي بها الانسان انسان هو أن تحصل الهيئة الطبيعية القابلة المعدّة لأن يصير عقلا بالفعل. وهذه هي المشتركة للجميع؛ فبينها وبين العقل الفعّال رتبتان (هما) : أن يحصل العقل المنفعل بالفعل ، وأن يحصل العقل المستفاد. وبين هذا الانسان الذي بلغ هذا المبلغ من أول رتبة الانسانية وبين العقل الفعّال رتبتان. واذا جعل العقل المنفعل الكامل والهيئة الطبيعية كشيء واحد ، على مثال ما يكون المؤتلف من المادة والصورة شيئا واحدا ، وإذا أخذ هذا الانسان صورة انسانية ، هو العقل المنفعل الحاصل بالفعل ، كان بينه وبين العقل الفعّال رتبة واحدة فقط. وإذا جعلت الهيئة الطبيعية مادة العقل المنفعل [الذي صار عقلا بالفعل] ، والمنفعل مادة المستفاد ، والمستفاد مادة العقل الفعّال ، وأخذت جملة ذلك كشيء واحد ، كان هذا الانسان هو الانسان الذي حلّ فيه العقل الفعّال (٢).
_________________
١) يستكمل عقل الانسان عند ما يصبح عقلا مستفادا. والعقل المستفاد هو العقل بالفعل وقد حصل على جميع المعقولات.
٢) مراتب العقل ثلاث هي :
العقل المستفاد ـ العقل بالفعل ـ العقل المنفعل أو الهيولاني.