الحق ، وجعل في مرتبة المقلّدين للحكماء؛ فان لم يقنع بذلك وتشوّق إلى الحكمة ، وكان في نيته ذلك ، علمها (١).
وصنف آخرون بهم أغراض ما جاهلة ، من كرامة ويسار أو لذّة في المال وغير ذلك ، ويرى شرائع المدينة الفاضلة تمنع منها ، فيعمد إلى آراء المدينة الفاضلة فيقصد تزييفها كلها ، سواء كانت مثالات للحق ، أو كان الذي يلقى إليه منها الحق نفسه. أما المثالات فتزييفها بوجهين : أحدهما بما فيه من مواضع العناد ، والثاني بمغالطة وتمويه. واما الحق نفسه فبمغالطة وتمويه؛ كل ذلك لئلا يكون شيء يمنع غرضه الجاهلي والقبيح. وهؤلاء ليس ينبغي أن يجعلوا أجزاء المدينة الفاضلة (٢).
وصنف آخر تتزيّف عندهم المثالات كلها لما فيها من مواضع العناد ، ولأنهم مع ذلك سيئو الإفهام ، يغلطون أيضا عن مواضع الحق من المثالات ، فيتزيّف منها عندهم ما ليس فيها موضع للعناد أصلا. فإذا رفعوا إلى طبقة الحق حتى يعرفوها ، أضلّهم سوء افهامهم عنه ، حتى يتخيلوا الحق على غير ما هو به ، فيظنّون أيضا أن الذي تصوروه هو الذي ادّعى الحق أنه هو الحق؛ فإذا تزيّف ذلك عندهم ، ظنوا أن الذي تزيّف هو الحق الذي يدعى أنه الحق لا الذي فهموه هم؛ فيقع لهم لأجل ذلك أنه لا حق أصلا ، وأن الذي يظنّ به أنه أرشد إلى الحق
_________________
١) المسترشد المقلد للحكماء.
٢) القاصد إلى تزييف الحقيقة من أهل المدن الجاهلة.