ملتهم ، فهم كلهم يؤمّون سعادة واحدة بعينها ومقاصد واحدة بأعيانها (١).
وهذه الأشياء المشتركة ، إذا كانت معلومة ببراهينها ، لم يمكن أن يكون فيها موضع عناد بقول أصلا ، لا على جهة المغالطة ولا عند من يسوء فهمه لها. فحينئذ يكون للمعاند ، لا (حقيقة) الأمر في نفسه ، ولكن ما فهمه هو من الباطل في الأمر. فاما إذا كانت معلومة بمثالاتها التي تحاكيها ، فان مثالاتها قد تكون فيها مواضع للعناد ، وبعضها يكون فيه مواضع العناد أقل ، وبعضها يكون فيها مواضع العناد أكثر ، وبعضها يكون فيه مواضع العناد أظهر ، وبعضها يكون فيه أخفى (٢).
ولا يمتنع أن يكون في الذين عرفوا تلك الأشياء بالمثالات المحاكية ، من يقف على مواضع العناد في تلك المثالات ويتوقف عنده ، وهؤلاء أصناف (٣) : صنف مسترشدون ، فما تزيّف عند أحد من هؤلاء شيء ما رفع إلى مثال آخر أقرب إلى الحق ، لا يكون فيه ذلك العناد ، فان قنع به ترك ، وان تزيّف عنده ذلك أيضا رفع إلى مرتبة أخرى ، فان قنع به ترك. وكلما تزيّف عنده مثال في مرتبة ما رفع فوقها ، فان تزيّفت عنده المثالات كلّها وكانت فيه نية للوقوف على الحق عرف
_________________
١) يعرف أهل المدينة الفاضلة هذه المعلومات بطريقتين رئيستين هما البرهان والمحاكاة. وطريقة الحكماء البرهانية أفضل من طريقة العامة التمثيلية.
٢) لا عناد في البرهان أما التمثيل فعرضة للمعاندة.
٣) أصناف المعاندين.