فقوم رأوا أن ذلك ينبغي أن يكون بالقهر ، بأن يكون الذي يحتاج إلى موازين يقهر قوما ، فيستعبدهم ، ثم يقهر بهم آخرين فيستعبدهم أيضا. وأنه لا ينبغي أن يكون موازره مساويا له ، بل مقهورا؛ مثل أن يكون أقواهم بدنا وسلاحا يقهر واحدا ، حتى صار ذلك مقهورا له قهر به واحدا آخر أو نفرا ، ثم يقهر بأولئك آخرين ، حتى يجمع له موازرين على الترتيب. فإذا اجتمعوا له صيّرهم آلات يستعملهم فيما فيه هواه (١).
وآخرون رأوا هاهنا ارتباطا وتحابا وائتلافا ، واختلفوا في التي بها يكون الارتباط : فقوم رأوا أن الاشتراك في الولادة من والد واحد هو الارتباط به ، وبه يكون الاجتماع والائتلاف والتحابّ والتوازر على أن يغلبوا غيرهم ، وعلى الامتناع من أن يغلبهم غيرهم. فان التباين والتنافر بتباين الآباء ، والاشتراك في الوالد الأخصّ والأقرب يوجب ارتباطا أشدّ ، وفيما هو أعمّ يوجب ارتباطا أضعف؛ إلى أن يبلغ من العموم والبعد إلى حيث ينقطع الارتباط أصلا ويكون تنافرا؛ إلا عند الضرورة الواردة من خارج ، مثل شرّ يدهمهم ، ولا يقومون بدفعه إلا باجتماع جماعات كثيرة. وقوم رأوا أن الارتباط هو بالاشتراك في التناسل ، وذلك بأن ينسل ذكورة أولاد هذه الطائفة من اناث أولاد أولئك ، وذكورة أولاد أولئك من اناث أولاد هؤلاء ، وذلك التصاهر. وقوم رأوا أن الارتباط هو باشتراك في الرئيس الأول الذي جمعهم أولا ودبّرهم حتى غلبوا به ، ونالوا خيرا ما من خيرات الجاهلية (٢).
_________________
١) الاجتماع يقوم على القهر.
٢) الاجتماع يقوم على القرابة.