وقوم رأوا أن الارتباط هو بالايمان والتحالف والتعاهد على ما يعطيه كل انسان من نفسه ، ولا ينافر الباقين ولا يخاذلهم ، وتكون أيديهم واحدة في أن يغلبوا غيرهم ، وأن يدفعوا عن أنفسهم غلبة غيرهم لهم (١).
وآخرون رأوا أن الارتباط هو بتشابه الخلق والشيم الطبيعية ، والاشتراك في اللغة واللسان؛ وأن التباين يباين هذه. وهذا هو لكل أمّة. فينبغي أن يكونوا فيما بينهم متحابين ومنافرين لمن سواهم؛ فإن الأمم إنما تتباين بهذه الثلاث (٢).
وآخرون رأوا أن الارتباط هو بالاشتراك في المنزل ، ثم الاشتراك في المساكن ، وان أخصّهم هو بالاشتراك في المنزل ، ثم الاشتراك في السكة ، ثم الاشتراك في المحلّة. فلذلك يتواسون بالجار ، فإن الجار هو المشارك في السكة وفي المحلة؛ ثم الاشتراك في المدينة ، ثم الاشتراك في الصقع الذي فيه المدينة (٣).
وهاهنا أيضا أشياء يظن أنه ينبغي أن يكون لها ارتباط جزئي بين جماعة يسيرة وبين نفر وبين اثنين ، منها طول التلاقي ، ومنها الاشتراك في طعام يؤكل ، وشراب يشرب ، ومنها الاشتراك في الصنائع ، ومنها الاشتراك في شرّ يدهمهم ، وخاصة متى كان نوع الشرّ واحدا وتلاقوا ، فإن بعضهم يكون سلوة بعض. ومنها الاشتراك في لذّة ما ، ومنها الاشتراك في الأمكنة التي لا يؤمن فيها أن يحتاج كل واحد إلى الآخر ، مثل الترافق في السفر
_________________
١) الاجتماع يقوم على التعاهد.
٢) الاجتماع يقوم على تشابه الخلق والشيم واللغة.
٣) الاجتماع يقوم على الاشتراك في الوطن.