بل يكون هناك موجود آخر أقدم منه هو سبب لوجوده؛ وذلك محال (١).
وإن كان ذلك الآخر هو الذي فيه ما باين به هذا ، ولم يكن في هذا شيء يباين به ذلك إلا بعد الشيء الذي به باين ذلك ، لزم أن يكون الشيء الذي به باين ذلك الآخر هذا ، هو الوجود الذي يخص ذاك. ووجود هذا مشترك لهما ، فإذن ذلك الآخر وجوده مركب من شيئين : من شيء يخصه ، ومن شيء يشارك به هذا. فليس إذن وجود ذاك هو وجود هذا ، بل ذات هذا بسيط غير منقسم ، وذات ذلك منقسم. فلذلك إذن جزءان بهما قوامه. فلوجوده إذن سبب (٢) فوجوده إذن دون وجود هذا وأنقص منه. فليس هو إذن من الوجود في الرتبة الأولى.
وأيضا ، فإنه لو كان مثل وجوده في النوع خارجا منه بشيء آخر ، لم يكن تام الوجود ، لأن التام هو ما لا يمكن أن يوجد خارجا منه وجود من نوع وجوده ، وذلك في أي شيء كان؛ لأن التام في العظم هو ما لا يوجد عظم خارجا منه ، والتام في الجمال هو الذي لا يوجد جمال من نوع جماله خارجا منه ، وكذلك التام في الجوهر هو
_________________
١) وإذا وجد إلهان متباينان كانا مركبين من جزء يشبه به كل منهما الآخر ومن جزء يخالفه. وكل مركب يحتاج إلى مركب أو سبب ولم يعد إليها.
٢) واذا وجد إله بسيط وآخر مركب من جزء يشترك به مع البسيط وجزء مباين ، كان ذلك الآخر منقسما وأدنى رتبة من هذا البسيط لأنه مركب وكل مركب يحتاج إلى سبب يركبه.