وكذلك الحال في أنه عالم؛ فإنه ليس يحتاج في أن يعلم إلى ذات أخرى يستفيد بعلمها الفضيلة خارجة عن ذاته؛ ولا في أن يكون معلوما إلى ذات أخرى تعلمه ، بل هو مكتف بجوهره في أن يعلم ويعلم. وليس علمه بذاته شيئا سوى جوهره ، فإنه يعلم وإنه معلوم وإنه علم. فهو ذات واحدة وجوهر واحد (١).
وكذلك في أنه حكيم. فإن الحكمة هي أن يعقل أفضل الأشياء بأفضل علم ، وبما يعقل من ذاته ويعلمه يعلم أفضل الأشياء. وأفضل العلم هو العلم الدائم الذي لا يمكن أن يزول ، وذلك هو علمه بذاته (٢).
وكذلك في أنه حق. فإن الحق يساوق الوجود ، والحقيقة قد تساوق الوجود ، فإن حقيقة الشيء هي الوجود الذي يخصه. وأكمل الوجود هو قسطه من الوجود؛ وأيضا فإن الحق قد يقال على المعقول الذي صادف به العقل الموجود حتى يطابقه. وذلك الموجود من جهة ما هو معقول ، يقال له إنه حق ، ومن جهة ذاته من غير أن يضاف إلى ما يعقله يقال إنه موجود. فالأول يقال إنه حق بالوجهين جميعا ، بأن وجوده الذي هو له أكمل الوجود ، وبأنه معقول صادف به الذي عقله الموجود على ما هو موجود. وليس يحتاج في أن يكون حقا بما هو معقول إلى ذات أخرى خارجة عنه تعقله. وأيضا أولى بما يقال عليه حق بالوجهين جميعا. وحقيقته ليست هي شيئا سوى أنه حق (٣).
_________________
١) ذات الله هي العالمة والمعلومة.
٢) الحكمة هي معرفة أفضل الأشياء.
٣) الله حق أي موجود ، الله حق أي معقول.