الأفضل ، ويحصل له كماله الأخير. وإذ كان الأول وجوده أفضل الوجود ، فجماله فائق لجمال كل ذي الجمال ، وكذلك زينته وبهاؤه. ثم هذه كلها له في جوهره وذاته؛ وذلك في نفسه وبما يعقله من ذاته. وأما نحن ، فإن جمالنا وزينتنا وبهاءنا هي لنا بأعراضنا ، لا بذاتنا؛ وللأشياء الخارجة عنا ، لا في جوهرنا. والجمال فيه والكمال ليسا هما فيه سوى ذات واحدة ، وكذلك سائرها (١).
واللذة والسرور والغبطة ، إنما ينتج ويحصل أكثر بأن يدرك الأجمل والأبهى والأزين بالادراك الأتقن والأتم (٢). فإذا كان هو الأجمل في النهاية والأبهى والأزين ، فادراكه لذاته الادراك الأتقن في الغاية ، وعلمه بجوهره العلم الأفضل على الاطلاق ، واللذة التي يلتذ بها الأول لذة لا نفهم نحن كنهها ولا ندري مقدار عظمها الا بالقياس والاضافة إلى ما نجده من اللذة ، عند ما نكون قد أدركنا ما هو عندنا أكمل وأبهى ادراكا ، وأتقن وأتم ، إما باحساس أو تخيل أو بعلم عقلي. فإنّا عند هذه الحال يحصل لنا من اللذة ما نظن أنه فائق لكل لذة في العظم ، ونكون نحن عند أنفسنا مغبوطين بما نلنا من ذلك غاية الغبطة ، وإن كانت تلك الحال منا يسيرة البقاء سريعة الدثور. فقياس علمه هو وادراكه الأفضل من ذاته والأجمل والأبهى إلى علمنا نحن ، وإدراكنا الأجمل والأبهى عندنا ، هو قياس سروره ولذته واغتباطه بنفسه إلى ما ينالنا من اللذة والسرور والاغتباط بأنفسنا (٣). وإذن كأن
_________________
١) الجمال هو الوجود الأفضل والكمال. الله فائق الجمال وجماله في ذاته.
٢) اللذة هي إدراك الجمال والكمال.
٣) الله يدرك جماله وكماله فتحصل له لذة لا متناهية.