فقال بعضهم : صلّيت ركعتين. وقال غيره : صلّيت أربعاً ؛ فأمّا أن يجب عليه أن يحكم بينهم ، ولا سبيل له إلى ذلك لجهله وعدم امكان الترجيح لاحتمال التساوي ، وأمّا أن لا يجب عليه ، فيجوز لهم التمادي في الخصومة ، وأن تنتهي إلى الحرب وقتل النفوس ، وهو فساد عظيم لا يجوز على الحكيم الأمر به ، ولا التعريض له على أنّه موجب لنقض الغرض من نصب المعصوم.
الثاني والثلاثون :
تلزم في الصورة المفروضة أنّه لا يجب عليهم أن يحكّموه فيما شجر بينهم ، لعدم قدرته على الحكم ، أو يجب عليهم ، وهو عبث يستحيل وجوبه ، والقسمان باطلان بقوله تعالى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (١) وغيرها.
الثالث والثلاثون :
انّه لو جاز على المعصوم السهو والنسيان ، لجاز أن يكون غير ضابط ، ويكون كثير السهو ؛ إذ لا فرق بين القليل والكثير في التجويز ، والفارق خارق للإجماع ، فإنّ مجوّز السهو لم يقيّده بالقلّة ، وكذا نافى السهو ، ولو جاز عليه ذلك لكان غير مقبول الشهادة ولا الرواية ، ولكان حاله أسوء من حال كثير من رعيّته ، فيلزم تقديم المفضول على الفاضل ، وهو باطل عقلاً ونقلاً.
__________________
(١) سورة النساء : ٦٥.