فصل
على إنّ الرواية له من طريق الخاصّة والعامّة كالرواية من الطريقين معاً أنّ النبي صلّى الله عليه وآله سها في صلاة الفجر (١) ، وكان قد قرأ في الاُولى منهما سورة النجم حتى انتهى إلى قوله : ( أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّىٰ * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَىٰ ) (٢) ، فألقى الشيطان على لسانه « تلك الغرانيق العلى ، وان شفاعتهم لترتجى » ثمّ نبّه على سهوه ، فخرّ ساجداً ، فسجد المسلمون ، وكان سجودهم اقتداء به ، وأمّا المشركون فكان سجودهم سروراً بدخوله معهم في دينهم (٣).
قالوا : وفي ذلك أنزل الله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) (٤) يعنون في قراءته. واستشهدوا على ذلك ببيت من الشعر وهو :
__________________
(١) انظر الكافي ٣ : ٢٩٤ ح٩ و٣٥٧ ح٦، التهذيب ٢ : ٣٤٥ ح ١٤٣٣، من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٣٣ ح ١٠٣١.
(٢) سورة النجم : ١٩ و ٢٠.
(٣) ذكر الخبر الجصاص في أحكام القرآن ٣ : ٢٤٦ ـ ٢٤٧ ، وأسقطه من عين الاعتبار ، وذكر ذلك أيضاً القرطبي في تفسيره ١٢ : ٨١ ـ ٨٥.
(٤) سورة الحج : ٥٢.
حكى الشيخ الطبرسي في مجمع البيان ( ٤ : ٩ ) في تفسير الآية الكريمة قول الشريف المرتضى قدّس سرّه حيث قال : لا يخلو التمنّي في الآية من أن يكون معناه التلاوة ، كما قال حسّان بن ثابت :
تمنّى كتاب الله أوّل ليله |
|
وآخره لاقى حمام المقادر |
ولم يسنبه ابن منظور في لسان العرب ( ١٥ : ٢٩٤ ـ منى ـ ) إلى حسّان ، بل ذكره باللفظ المتقدّم وباللفظ التالي :
تمنّى كتاب الله آخر ليله |
|
تمني داود الزبور على رسل |