يعني انّ هذه الصورة (١) سهو كان مأموراً بها من الله ، وهي في الواقع عمد ، فإنّ صدور السهو الحقيقي من الله لا يمكن تصوّره ، وإنّما يمكن فرض أن يكون الله قد أمر بذلك لحكمة ظاهرة أو خفيّة.
السادس : أن يكون مجبوراً على ترك الأخيرتين في ذلك الرقت ، [ أو بسلب قدرته عنهما ، أو بمحوهما من خاطره بالكليّة ، ] (٢) ويصير غير مكلّف بهما ، ويكون ذلك أيضاً خاصّاً به في الواقعة معينة للحكم السابقة ، وللردّ على الغلاة والمفوّضة معاً.
ومعلوم أنّ من جملته الغلو في التفويض ، قول جماعة زعموا إنّ للعبد قدرة تامّة لا يقدر أحد على سلبها حتى لو أراد الله منعه ، من فعله لما قدر على منعه ، وقد ذكرت ذلك في رسالة خلق الكافر.
وظاهر كون سهوه من الله يقتضي أن يكون أمره به أو جبره عليه ، وعلى كلّ حال لا يكون وقع منه سهو حقيقي ، بل هو مجاز ، وباب المجاز واسع ، والمشابهة هنا ظاهرة لكن الجبر باطل ، ويمكن أن يقال : إنّ هذه الصورة نادرة والجبر باطل مع بقاء التكليف ، فلو سلب الله قدرة عبد عن واجب واسقطه عنه ، لم يكن فيه مفسدة.
السابع : أن يكون السهو والنسيان بمعنى الترك ، فإنّه أحد معانيه اللغوية ، وقد استعمل فيه كثيراً كما أشرنا إليه سابقاً.
وقد قال صاحب القاموس وغيره (٣) : سها في الأمر سهواً نسيه.
__________________
(١) في « ج ، د » : صورة.
(٢) من المصدر والبحار.
(٣) القاموس المحيط للفيروزآبادي ٤ : ٣٤٦.