شيء منهما ، ولا فعل فعلاً حقيقيّاً ، وهذه قرينة قويّة جداً.
وأمّا نسبة إنكار السهو المذكور إلى الغلاة والمفوّضة ، فلا يدلّ على بطلانه ، فقد عرفت أنّه لا يختصّ بهم لذهاب عظماء علماء الإماميّة إليه ، ولعلّ الغلاة والمفوّضة يذكرون وقوع هذه الصورة بالكلّيّة.
أمّا الغلاة فلاعتقادهم أنّه لا يقدر أحد على منع الرسول صلّى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام من شيء ، ولا يأمرهم أحد بشيء.
وأمّا المفوّضة فبعضهم يقولون : إنّ الله فوض أمر الخلق والرزق إلى النبيّ والأئمّة عليهم السلام ، وبعضهم يقولون : إنّ للعبد قدرة لا يقدر الله أن يسلبه إيّاها ، ولا يمنعه من شيء من أفعاله وحينئذٍ يستقيم الردّ عليهم بهذه الواقعة ، لأنّها على تقدير تسليمها ، أمّا أمر من الله ، أو جبر منه ، وهو ينافي اعتقاد الفريقين ، وإذا حمل على السهو المجازي الظاهري استقام كلام ابن بابويه أيضاً ، وصار النزاع لفظياً في مجرّد التسمية بالسهو ، فإنّه لا يظهر من كلامه تجويز سهو حقيقي أصلاً ، وهذا توجيه غير بعيد.
وأمّا الفرق بين العبادة المشتركة والتبليغ الّذي هو عبادة مختصّة ، فممّا لا يوافقه عليه أحد ، وأكثر الناس لا يفهمون الفرق ، بل كلّ من ثبت عنده سهوه عليه السلام يتطرّق إلى تجويزه في التبليغ.
وأمّا على التفسير الّذي فسّرنا به كلامه ، فيستقيم في ذلك ، لأنّ (١) فرض الجبر على تبليغ الباطل ، والأمر به محال قطعاً ظاهر البطلان ، مناف للكحمة ، ناقض الغرض.
__________________
(١) في ب : إلى أنّ.