وذلك لأنّه إنْ اُريد من التبليغ ، الأحكام الشرعيّة التكليفية والوضعية ، خرج الكثير من اُمور الدين كالإرشادات العامّة ، والمواعظ الدينية ، والإرشاد إلى فوائد الأغذية ، وقوانين الطب ، وقصص الماضين ، والتي لها جميعاً مدخل جوهري في الأديان وحقائقها.
فيكون إحتمال السهو فيها بقوة إلغائها.
إنْ قلت : إنَّ تعطيلها غير وارد لعدم الإلتزام بكثرة موارد السهو.
قلنا : إذا صحّ السهو القليل ، مع وجود محاذير معينة ، ولو بسيطة ، مضافة إلى ألطاف العصمة (١) ، فعدمه يكون أفضل وأقرب إلى سلامة الشريعة ، كما أنّ الخلاف لا يزال وإلى الآن في تشخيص الأحكام وأقسامها ، فربّ حكم وضعي لا يراه الآخر كذلك وبالعكس ... هذا حال أهل العلم ، فكيف بالعوام من الناس.
فالقول بالعصمة في موارد التبليغ على التفسير المذكور ، يعني تضييع الدين ، وجعل العلماء يفحصون كل مورد يردهم ، هل هو حكم أم لا ؟ وما هو دليله ؟ وما هي وجوه الخلاف فيه ؟ وأذا قلنا إنّ المراد بالتبليغ جميع شؤون الدين ... فربّ سائل يسأل بأنه لا يوجد أمر يفعله النبي صلّى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام إلاّ وله ربط بالدين ... حتى طريقة أكله ، وملبسه وما شاكلها من هذه الاُمور البسيطة.
ثانياً : إنّ هذا الرأي يودّي إلى إضعاف هيبة الأنبياء ، خصوصاً عند اُولئك الّذين يتربّصون بهم شرّاً ، ويحاولون بشتى الوسائل إثارة الشبهات حولهم
__________________
(١) ألطاف العصمة : هي المقدّمات والأسباب التي يحصل بها هذا اللطف المسمّى بالعصمة لدى الأنبياء والأئمّة عليهم السلام.