والتشكيك بهم ، وهذا خلاف هدف الله وغرض الله جلّ شأنه ، من إرادة توقير الأنبياء ، وتعظيمهم ، ورفع شأنهم.
ثالثاً : إنّ المقتضيات (١) تؤثر أثرها إنْ لم يمنع ذلك مانع .. والأنبياء ، من دون شك ، مؤهّلون للألطاف ، وقدرة الله لا شبهة فيها ، والمانع مفقود ، والحاجة لعصمتهم عن مثيل الشك والنسيان ليست بقليلة ، ومعه يحسن على الحكيم أن يلطف بهم بعصمتهم عمّا نحن بصدده ، بعمنى عدم اللياقة في حقّه تعالى ترك ذلك ، فيكون الدليل المذكور عقلياً على عصمة الأنبياء من السهو والنسيان.
رابعاً : الروايات الخاصّة : والإستدلال بها مبنيّ على مقدّمتين : (٢)
أ ـ أنّه لا يوجد محذور عقلي في ثبوت العصمة عن السهو والنسيان ، فيكون ثبوتها من الممكنات ، مع عدم إجماع على وقوع السهو والنسيان.
ب ـ أنّ الأنبياء والأئمّة عليهم السلام ، مصدّقون فيما ينقلون ، بل إنّ الذين جوّزوا الكبائر على الأنبياء استثنوا الكذب ، إلاّ شواذ منه (٣).
فإذا تمّت تلك المقدّمتين نقول :
إنّ الروايات واردة في كمالهم وعصمتهم وعدم سهوهم ، بل ما هو
__________________
(١) أنّ المقتضيات وإن كانت ذاتية ، ولكن لا يمنع أن تكون مقدّماتها ملطوفاً بها من نوع الغذاء ، وطبيعة السكن ، والعمل ، وشرف الأبوين وغيرها.
(٢) انظر : عصمة الأنبياء للسيّد علي حسين مكّي ص ٦٠.
(٣) فقد نقل عن الخوارج ـ فرقة منهم تسمّى الفضيلية ـ تجويز الكفر على الأنبياء ، لأنّ كلّّّّّّّّّ ذنب يصدر عنهم كفر ، ونقل عن الأشاعرة والحشوية تجويز الصغائر والكبائر على الأنبياء ما خلا الكفر والكذب ، ونقل أيضاً انّ المعتزلة يجوّزون الصغائر أو غير المنفر منها على الأنبياء كما هو مذهب البعض ، أو على سبيل التأويل ، كما هو مذهب بعض آخر. « انظر : اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر ».