ثم ذكروا البيعة وما اللّه سائلهم عنه من طاعة اولي الامر ووجوب الوفاء بالميثاق.
وعرضوا في حماستهم الى الانساب ، فاذا هي « مقامة » ظريفة جداً وصادقة جداً ومؤثرة جداً ، ملكت الالباب حتى أذهلت وأثارت الاعجاب حتى أدهشت.
ذكروا الحسن ومعاوية فقالوا : أين ابن علي من ابن صخر ، وابن فاطمة من ابن هند ، وأين من جده رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ممن جده حرب ، ومن جدته خديجة ممن جدته فتيلة؟؟ .. ولعنوا أخمل الرجلين ذكراً ، وألأمهما حسباً ، وشرَّهما قديماً وحديثاً ، وأقدمهما كفراً ونفاقاً ، فعج الناس قائلين آمين آمين. ثم جاءت بعدهم الاجيال ، فما استعرض هذه الموازنة الظريفة مسلم من المسلمين ، الا سجّل على حسابه ( آمين ) جديدة.
وعملت هذه الاساليب الحكيمة ، والخطب الحماسية البليغة عملها وانتشرت ـ كما قلنا ـ القناعة بخذلان الشام والثقة بظفر الكوفة.
وفي الكوفة ، وهي الحاضرة الجديدة الجبارة التي طاولت أهم الحواضر الاسلامية الكبرى ـ يومئذ ـ أجناس من الجاليات العربية وعير العربية ومن حمراء الناس وصفرائها وممن لم يرضهم الاسلام ولم يُجدهم اعتناقه توجيهاً جديداً ، ولا أدباً اسلامياً ظاهراً ، الا أن يكونوا قد أنسوا منه وسيلته الى منافعهم العاجلة. فكان هؤلاء لا يفهمون من الجهاد اذا نودي بالجهاد الا دعوته للمنافع ووسيلته الى الغنائم. ورأوا من انتشار القناعة بنجاح هذه الحرب ، أن الالتحاق بجيش الحسن عليهالسلام هو الذريعة المضمونة الى استعجال المنافع والرجوع بالغنائم ، فلم لا يكونون من السابقين الاولين الى هذا الجهاد؟.
ولعلك تتفق معي الآن ، على اكتشاف الحوافز التي اندفعت تحت تأثيرها « الاخلاط المختلفة » من رعاع الناس الى الالتحاق بجيش الحسن ، فاذا باصحاب الفتن ، وأصحاب الطمع بالغنائم ، وأصحاب العصبيات التي لا