وكلتا الجريمتين وليدة المؤامرات السرية النشيطة التي حذقها الخوارج الطغام ، في مختلف المناسبات.
وشاء اللّه بلطفه أن لا تبلغ طعنة ابن سنان الاسدي (١) من الحسن ، ما بلغته بالامس القريب ضربة صاحبه ابن ملجم المرادي من أمير المؤمنين أبي الحسن عليهالسلام.
ومثّلت هذه المؤامرة الدنيئة أفظع قطيعة لرسول اللّه صلىاللهعليهوآله من نوعها ، بما حاولته من القضاء على الامام الثاني ـ سبطه الاكبر ـ. وازدلفت الى معاوية بالخدمة الفريدة التي لا تفضلها خدمة اخرى لاهدافه ، من القوم الذين كان يقال عنهم « انهم انما خرجوا مع الحسن لانهم يؤثرون قتال معاوية بكل حيلة »!!
وهكذا ثبت للامام الحسن بصورة لا تقبل الشك ، نيات المحكّمة معه رغم مجاملاتهم الكاذبة له. وكان هو منذ البداية شديد الحذر منهم ولكنه كان يعاملهم ـ دائماً ـ على ضغن مكتوم.
وليس أنكى من عدوّ في ثوب صديق. ذلك هو العدو الذي ينافقك ظاهراً ، ويحاربك سراً. وأنكى أقسام هذا العدو عدو يحاربك بذحوله وعصبيته كما حاربت الخوارج الحسن بذحولها وعصبيتها.
وهكذا قدّر لجيش الحسن عليهالسلام ، أن يتخم بالكثرة من هؤلاء واولئك جميعاً ، وأن يفقد بهذا التلوّن المنتشر في صفوفه ، روحية الجيش المؤمل لربح الوقائع. وأن يبتلي بالصريح والدخيل من كيد العدوين الداخل والخارج ، وفي المكانين العراق والشام معاً.
__________________
١ ـ ووهم حسن مراد في كتابه ( الدولة الاموية في الشام والاندلس ) ( الباب الرابع : ص ٥٠ ) حيث نسب طعن الحسن عليهالسلام بالخنجر الى اتباع الامويين دون الخوارج. وستقرأ في فصل « سر الموقف » نصوص الحادثة كما يرويها مؤرخوها القدامى وكما يجب أن يفهمها المحدثون.