الذي « اذا سار سار الموت حيث يسير » على حد تعبير عدوه فيه؟؟؟ [ والفضل ما شهدت به الاعداء ].
وكانت تضحيته بسلطانه لذاتها ، من أروع آيات شجاعته ، لو كانوا يشعرون.
فأين هو الطمع بالحياة ، أو الخوف من القتل.
وليس في موازين الحسن ، الا مبادئُه التي لا يوازنها في حسابه شي ء اخر ، فرأى أن يفدي مبادئه بسلطانه ليحفظ كيانها وكرامتها ، وليحميها من الايدي العادية التي لا تخاف عاجل عار ولا آجل نار ، وتولّى شطر هذه الخطة متساميا على الدنيا لا يتغير ولا ينحرف ولا يحيد ، فاذا به المنتصر في صميم الخذلان ، والفاتح في صميم الهزيمة ، والظافر في صميم الانهيار.
ورضي لنفسه أن تحيا حياة أهون من آلامها الموت ، صيانة لاهدافه من أن تموت ، ورضي لنفسه أن تكون بكل وجودها أداة الخير للغير ، دون أيّ استغلال أو استئثار أو احتكار. وهذا بمفرده ، قصارى ما يصل اليه أفذاذ المصلحين في التاريخ ، وقصارى ما تصبو اليه التربية الاسلامية لتحقيق وجهة النظر الاسلامي ، في نشر الاصلاح في الناس ، وفي تعبئة المبادىء الصحيحة في المجتمع.
وكثير اولئك الذين خدموا مبادئهم ، بتحمل النوائب في أنفسهم ، الا أنّ أحدا من اولئك لم يبلغ مبلغ الحسن فيما تحمله ، من الوانها المختلفة ، التي اصطلحت عليه ، وصحبته كظله الملازم له حتى ختمت حياته ـ في نهاية المطاف ـ بالنكبة الكبرى.
فكان ـ من جميع أطرافه ـ أمثولة الامام الصاعد في مثاليته ، والمصلح العظيم الذي اختط للمصلحين ، آلم التضحيات للنفس ، في سبيل الابقاء على المبدأ.