٢
الوفاء بالشرط الثاني
أجمع المؤرخون ـ بما فيهم المتحزبون والمستقلون ـ على أن العهد لذي أعطاه معاوية للحسن في شروط الصلح ، هو أن لا يعهد بالامر من بعده الى أحد ، ومعنى ذلك رجوع الامر من بعده الى صاحبه الشرعي ، أعني الحسن بن علي فان لم يكن فللحسين أخيه ، تمشياً مع مفهوم الشرط القائل بتسليم الامر محدوداً بحياته ، ومفهوم سلبه صلاحية العهد الى أحد من بعده.
وأجمع المؤرخون ـ بعد ذلك ـ على أن معاوية نقض هذا العهد علناً ، وعهد من بعده الى ابنه يزيد ( المعروف!!! ).
ولسنا الآن بصدد مناقشة معاوية على نقضه العهد بعد ميثاقه ، وهو ـ على كل حال ـ جماع غلطاته التي أركسه « الصلح » فيها من حيث يدري أو لا يدري ، ولكنا وقد مررنا على موقف معاوية من عهوده مراتٍ ومرات ، لا نريد ان نمر هنا على تعيينه يزيد ابنه لخلافة المسلمين دون أن نقول : انه ارتكب بهذا العمل الجريء أكبر اثم في دينه ، وأفظع جريمة في الصالح العام. وقد كان من أبرز النتائج ، لاعمال معاوية الارتجالية الجريئة هذه ، ان تنحرف قيادة الاسلام عن منهجها القويم ، وان تفقد الرعية قدوتها العملية ، وان تسود الاثرة ، ويضطرب حبل الثقة بين الافراد والجماعات ، وأن ينعدم التجاوب والتفاعل الوجداني بين القادة والاتباع. فتتوزع الميول وتتباين المقاصد ، ثم لا يزال الامر يأخذ بهم سفالاً ، حتى يستعد الى الثورات الدامية والانتفاضات الداخلية التي كان لابد منها لتدارك الاخطاء والتنبه على الاخطار. دع عنك ما كان يقال عن يزيد هذا ، وعن قابلياته الشخصية والخلقية التي عجت بها التواريخ ، من يومه الى يومنا ، والتي