« ثم لم يزل عمرو [ فيما يروي الطبري ] خائفاً مترقباً حتى كانت حادثة حجر بن عدي الكندي فأبلى فيها بلاء حسناً وضربه رجل من الحمراء ـ شرطة زياد ـ يدعى بكر بن عبيد بعمود على رأسه فوقع وحمله الشيعة فخبأوه في دار رجل من الازد ، ثم خرج فاراً وصحبه الزعيم الآخر [ رفاعة بن شداد ] فيمما المدائن ثم ارتحلا حتى أتيا ارض الموصل فكمنا في جبل هناك ، واستنكر عامل ذلك الرستاق شأنهما فسار اليهما بالخيل ، فأما عمرو فلم يصل الموصل الا مريضاً بالاستسقاء ، ولم يكن عنده امتناع. واما رفاعة بن شداد ـ وكان شاباً قوياً ـ فوثب على فرس له جواد ، وقال لعمرو : أقاتل عنك ، قال : وما ينفعني ان تقاتل ، انج بنفسك ان استطعت. فحمل عليهم فأفرجوا له ، فخرج تنفر به فرسه ، وخرجت الخيل في طلبه ـ وكان رامياً ـ فأخذ لا يلحقه فارس الا رماه فجرحه او عقره فانصرفوا عنه. وسألوا عمراً : من انت؟ فقال : من ان تركتموه كان أسلم لكم ، وان قتلتموه كان أضرّ لكم!. فسألوه فأبى ان يخبرهم ، فبعث به ابن أبي بلتعة ، عامل الرستاق ، الى عامل الموصل ، وهو ( عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عثمان الثقفي ) ، فلما رأى عمرو بن الحمق عرفه ، وكتب الى معاوية بخبره ، فأمره معاوية بأن يطعنه تسع طعنات كما كان فعل بعثمان فطعن ومات بالاولى منهن أو الثانية ».
وخالف ابن كثير رواية الطبري هذه ، فقال : « ان اصحاب معاوية عثروا عليه في الغار ميتاً ، فحزّوا رأسه ، وبعثوا به الى معاوية ، وهو اول رأس طيف به في الاسلام. ثم بعث معاوية برأسه الى زوجته ( آمنة بنت الشريد ) وكانت في سجن معاوية [ انظر الى أفظع الوان الارهاب ] فألقي في حجرها ، فوضعت كفها على جبينه ، ولثمت فمه ، وقالت : غيبتموه عني طويلاً ، ثم أهديتموه اليّ قتيلاً ، فأهلاً به من هدية غير قالية ولا مقلية.
« ثم كان فيما كتب به الحسين عليهالسلام الى معاوية : الست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ـ العبد الصالح الذي أبلته العبادة ـ فأنحلت جسمه ، وصفرت لونه ، بعدما أمنته واعطيته