الخوارج لبيعتهم اياه ، ولا في اصرارهم على الحرب ، وقد كان في شيعة الحسن من يشاطرهم الالحاح على الحرب ، ولكنك سترى فيما تستعرضه من مراحل قضية الحسن عليهالسلام ، أن الخوارج كانوا أداة الكارثة في أحرج ظروفها. ورأيت فيما مرّ عليك ـ قريباً ـ أن زعيمين من زعمائهم ساهما في أفظع مؤامرة أموية في الكوفة.
وللخوارج في دعاوتهم الى « الخروج » أساليبهم المؤثرة المخيفة ، التي كانت تزعزع ايمان كثير من الناس بالشكوك. وكان هذا هو سرّ انتشارهم بعد نكبتهم الحاسمة على شواطئ النهروان.
وكان زياد بن ابيه يصف دعوة الخوارج بقوله : « لكلام هؤلاء أسرع الى القلوب من النار الى اليراع (١) ». وكان المغيرة بن شعبة يقول فيهم : « انهم لم يقيموا ببلد يومين الا افسدوا كل من خالطهم » (٢).
والخارجي يقول الزور ويعتقده الحق ، ويفعل المنكر ويظنه المعروف ، ويعتمد على اللّه ولا يتصل اليه بسبب مشروع.
وسنعود الى ذكرهم في مناسبة اخرى عند الكلام على « عناصر الجيش ».
٣ ـ الشكاكون :
ورأينا ذكر هؤلاء فيما عرضه المفيد رحمهالله من عناصر جيش الحسن عليهالسلام. والذي يغلب على الظن ، أن تسميتهم بالشكاكين ترجع الى تأثرهم بدعوة الخوارج من دون أن يكونوا منهم ، فهم المذبذبون لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء.
ورأيت المرتضى في أماليه ( ج ٣ ص ٩٣ ) يذكر « الشكاك » استطراداً ويلوّح بكفرهم ، وكأنه فهم عنهم التشكيك بأصل الدين.
__________________
١ ـ اليراع : القصب.
٢ ـ الطبري ( ج ٦ ص ١٠٩ ).