وكان الى جنب هذه العناصر العدوّة في الكوفة « شيعة الحسن » وهم الاكثر عدداً في عاصمة علي عليهالسلام ، وفي هؤلاء جمهرة من بقايا المهاجرين والانصار ، لحقوا علياً الى الكوفة ، وكان لهم من صحبتهم الرسول صلىاللهعليهوآله ما يفرض لهم المكانة الرفيعة في الناس.
وبرهن رجالات الشيعة في الكوفة على اخلاصهم لاهل البيت عليهمالسلام ، منذ نودي بالحسن للخلافة ، ومنذ نادى ـ بعد خلافته ـ بالجهاد ، وفي سائر ما استقبله من مراحل. ولو قدّر لهؤلاء الشيعة أن يكونوا ـ يومئذ ـ بمنجاة من دسائس المواطنين الآخرين ، لكانوا العدّة الكافية لدرء الاخطار التي تعرّضت لها الكوفة من الشام ، وكان في هذه المجموعة المباركة من الحيوية والقابلية ما لا يستطيع أحد نكرانه ، ونعني بالحيوية القابليات التي تهضم المشاكل وتفهمها ، وتعطيها الاهمية المطلوبة في حلولها.
وما ظنك بقيس بن سعد بن عبادة الانصاري وحُجر بن عديّ الكندي ، وعمرو بن الحمِقِ الخزاعي ، وسعيد بن قيس الهمداني ، وحبيب بن مظاهر الاسدي ، وعديّ بن حاتم الطائي ، والمسيّب بن نجية ، وزياد بن صعصعة ، وآخرين من هذا الطراز.
اما الطوارئ المستعجلة المعاكسة ، والاصابع المأجورة الهدامة ، فقد كانت تعمل دائماً ، لتغلب هذه القابليات ، ولتغيرّ من هذا التقدير.
ولم يخف على الحسن عليهالسلام ما كانت تتمخض عن لياليه الحبالى في الجوّ المسحور بشتى النزعات ، والمتكهرب بشواجر الفتن والوان الدعاوات. وكان لا بدّ له ـ وهو في مطلع خلافته ـ أن يعالن الناس بخطته وأن يصارحهم عن موقفه ، وأن يستملي خطته من صميم ظروفه وملابساتها في الداخل والخارج معاً.
وكان معاوية هو العدو « الخارج » الذي يشغل بال الكوفة يما يكيده