الأسود العنسي؟ فقام فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال : إنّا بحصن من الله حصين لم نؤمر بتركه ، قولك يا أمير المؤمنين في أهل العراق ألا وأنت الراعي ونحن الرعية ، ألا وأنت أعلمنا برأيهم (١) وأقدرنا على دوائهم ، وإنما علينا أن نقول : (سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)(٢) قال معاوية : أمّا عمرو بن الأسود فقد تبرأ إلينا من دمائهم ورمى بها ما بين عيني معاوية ، ثم قام المنادي فنادى : أين أبو مسلم الخولاني؟ فقام فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال : أمّا بعد فو الله ما أبغضناك منذ أحببناك (٣) ولا عصيناك منذ أطعناك ، ولا فارقناك منذ جامعناك ، ولا نكثنا ببيعتك منذ بايعناك ، سيوفنا على عواتقنا ، إن أمرتنا أطعناك وإن دعوتنا أجبناك ، وإن سبقتنا أدركناك ، وإن سبقناك نظرناك ، ثم جلس ، ثم قام المنادي فقال : أين عبد الله بن محمد (٤) الشرعبي فقام فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال : وقولك يا أمير المؤمنين في هذه العصابة من أهل العراق إن تعاقبهم فقد أصبت وإن تعفو فقد أحسنت ثم جلس ثم قام المنادي فنادى : أين عبد الله بن أسد القشيري؟ فقام فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال : يا أمير المؤمنين رعيّتك وولايتك وأهل طاعتك إن تعاقبهم ، فقد جنوا على أنفسهم العقوبة ، وإن تعفو فإنّ العفو أقرب للتقوى يا أمير المؤمنين ، لا تطع فينا من كان غشوما لنفسه ظلوما بالليل نئوما عن عمل الآخرة سئوما يا أمير المؤمنين إن الدنيا قد انخسفت أوتادها ومالت بها عمادها ، وأحبّها أصحابها واقترب منها ميعادها ، ثم جلس ، فقلت لشرحبيل : فكيف صنع؟ قال : قتل بعضا ، واستحيا بعضا ، وكان فيمن قتل حجر بن عدي بن الأدبر.
قال : فلما قدّم لتضرب عنقه قال : لا تطلقوا عني حديدا فادفنوني ، وما أصاب الثرى من دمي فإني ألتقي أنا ومعاوية غدا بالجادة ، قال أبي : قال أبو المغيرة ، قال فكان ابن عيّاش (٥) لا يكاد يحدث بهذا الحديث إلّا بكى بكاء شديدا ، انتهى.
قال : ونبأنا عبد الله قال : أخبرت عن شهاب بن عبّاد ، نبأنا محمد بن بشر العبدي ، نبأنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه قال : قال حجر والله لئن قتلت بعذراء إني
__________________
(١) في بغية الطلب : «بدائهم» وهو الأظهر باعتبار ما يأتي.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٨٥.
(٣) اللفظة مهملة بالأصل ، والمثبت عن ابن العديم.
(٤) غير واضحة بالأصل ونميل إلى قراءتها «نجم» والمثبت عن ابن العديم.
(٥) في ابن العديم : ابن عباس.