انتقلت عبادتهم جميعا إلى الشمال في «حران» (حاران ، وتقع على نهر بلخ ، على مبعدة ٦٠ ميلا من اتصاله بالفرات) ، وقد انتشرت عبادة القمر من أور إلى كل أرجاء بابل ، ومن «حران» إلى كل من سورية وفينيقيا ، وكان البدو الآراميون والعرب يعبدون إله القمر ، ولا يستبعد أن يكون لاسم «شبه جزيرة سيناء» علاقة بإله القمر «سين».
(٢) إله الشمس : ـ يأتي إله الشمس (شمش) في المرتبة الثانية بعد أبيه إله القمر ، وكان السومريون يسمونه «أوتو» ويسمون الشمس «ببر» وهي تشرق ، أما الساميون فقد أطلقوا على الإله الأكدي اسم الشمس نفسها (شمش) وكان العبرانيون والآراميون ينطقون «شمش» ، والعرب «شمس» (١) ، وأهل أوجاريت «شبش ، وكان عرب الجنوب والأوجاريتيون يعتبرونها إلهة مؤنثة ، بينما كان السومريون والأكديون يعتبرونها إلها ذكرا ، وكان الحيثيون يميزون بين إمله للشمس ، وإلهة للشمس يسمونها «أرنا».
وكان يرمز لإله الشمس في بابل وآشور وسورية وآسيا الصغرى بقرص ذي جناحين ، أي بصورة الشمس في مصر ، ومن ألقابه في بلاد الرافدين «نور العالم» ، هذا وكان إله الشمس ، في نظر القوم ، هو القاضي الأعظم الذي أملى قوانين العدالة على الملوك ، وكانت مدينة «لارسا» في سومر ،
__________________
(١) عبدت الشمس في قتبان وحضرموت وسبأ تحت اسم شمس ، وغالبا ما كانت أسماء الشمس في بلاد العرب الجنوبية تبدأ ب «ذات» ، وكانت إلهة الشمس تسمى عند المعينيين «نكرح» ، وربما بمعنى «ذات حميم» ، كما كانت تسمى عند السبئيين «ذات غضرن» و «ذات حميم» ، بمعنى ذات حرارة في الغالب ، وهذا المعنى قريب من «آل حمون» و «بعل حمون» في العبرية ، وإن فسر البعض «ذات حميم» بمعنى ذات الحمى ، والحمى الموضع الذي يحمى ، ويخصص للإله أو المعبد أو الملك أو سيد القبيلة ، فيكون حرما آمنا لا يجوز لأحد انتهاكه أو التعدي عليه ، وأما في النقوش القتبانية فهي «ذات صهرن» «ذات رحبن» ، فضلا عن اسم آخر للشمس ذكرته الكتابات القتبانية ، وأعنى «إ ث ر ت» ، وهو بعينه اللفظ العبراني «أشرت» ، ويرجح «هومل» ، ويؤيده نقش جلازر رقم ١٦٠٠ ، أن هذا الإسم القتباني إنما يشير عادة إلى آلهة الشمس ، وإلى زوج الإله «ود».