(١) مردوك : ـ بلغ هذا المعبود الوثني من الشهرة مبلغا ربما بم يبلغه إله وثني آخر من تاريخ الشرق الأدنى القديم ، وقد ارتبط مصيره بمصير مدينة بابل ، والتي كان لها شأن عظيم في التاريخ القديم ، سياسيا وعسكريا ودينيا واجتماعيا ، ويدل على هذه الصلة الوثيقة بين مردوك وبابل قول إرميا ، النبي العبراني ، «قولوا أخذت بابل ، خزي بيل ، تضعضع مردوخ» وذلك عند سقوط بابل عام ٥٣٩ ق. م.
وكان مردوك ، في نظر القوم ، هو ابن انكى البكر ، ومن ثم فقد ورث عنه العلم والسحر ، وصار مثله المعوذين الآلهة ، وكان الساحر عند ما يمارس مهنته إنما يعمل باسم مردوك ، كما يعمل باسم أبيه «أيا» ، وفي الأمور المستعصية كان مردوك يلجأ إلى أبيه انكى طلبا للمعونة ، وكما كان «أيا» إله الحكمة ، كان مردوك أحكم الحكماء ، والخبير بين الآلهة.
هذا ، وكما تبيّن لنا مقدمة قانون حمورابي المكانة العليا التي وصل إليها مردوك في الإمبراطورية البابلية ، تبين لنا قصيدة الخلق البابلية مكانته السامية أيضا ، حيث أسبغت عليه خمسين اسما أو لقبا ، مما جعل «دورم» يزعم أنه في نسبة هذه الأوصاف جميعا إلى إله واحد ، اتجاها إلى التوحيد ، وهو يجد هذا الاتجاه أيضا في عصر الدولة الكلدانية ، إذا صارت الآلهة المختلفة مجرد جوانب من شخص مردوك.
وكانت «صبريانيتم» بمعنى الفضية أو اللامعة كالفضة ، زوجة لمردوك ، وكان الاثنان يبجلان حينما تعلو مكانة بابل ، وعند ما فتح ملوك آشور أرض بابل أبدوا ولاءهم لآلهتها ، وهي في مقدمتها مردوخ وزوجته ، وكذا في أيام الكلدانيين والفرس ، بل ظلا موضع الاجلال بعد ذلك أيام السلوقيين ، سواء في الحياة الخاصة أو الاحتفالات الرحية.
(٢) آشور : ـ وهو الإله القومي للآشوريين ، وكبير آلهتهم الوثنية ،