من ذلك المكان الذي ألقي به فيه من السفينة (والذي ربما كان شمال أيلة أو إيلات على خليج العقبة) ثم انطلق به من ذلك المكان حتى مرّ به على الأيلة ، ثم انطلق به حتى مرّ على دجلة ، ثم انطلق به حتى ألقاه في نينوى (١) (أي أنه دار به حول شبه الجزيرة العربية من خليج العقبة ، فالبحر الأحمر ، فخليج عدن ، ثم بحر العرب فخليج عمان ثم الخليج العربي ، فنهر دجلة ثم نينوى).
ومنها (ثانيا) أن النبي شعيب عليهالسلام ، ربما لا يقصد به هنا شعيب النبي العربي الذي بعث في مدين ، وإنما النبي الإسرائيلي أشعياء ، وذلك لسببين ، أحدهما : أن أشعياء كان معاصرا أو قريبا من فترة الغزو الأشوري لإسرائيل حيث كان يعيش في الفترة (٧٣٤ ـ ٦٨٠ ق. م) ، بينما النبي العربي شعيب كان يعيش حوالي القرن الثالث عشر قبل الميلاد ، بل إن هناك من يرجح أنه هو نفسه صهر موسى عليهالسلام ، وثانيهما : أن الملك حزقيل المذكور في النص هو الملك اليهودي «حزقيال» (٧١٥ ـ ٦٨٧ ق. م).
وأيا كان الأمر ، فما أن ركب يونس عليهالسلام السفينة ، ووصلت إلى وسط اللجة حتى ناوأتها الرياح والأمواج وكان هذا إيذانا عند القوم بأن من بين الركاب راكبا مغضوبا عليه لأنه ارتكب خطيئة ، وأنه لا بد أن يلقى في الماء لكي تنجو السفينة من الغرق ، فاقترعوا على من يلقونه من السفينة ، فخرج سهم يونس ، وكان معروفا عندهم بالصلاح ، ولكن سهمه خرج بشكل أكيد ، فألقوه في البحر ، أو ألقى هو نفسه فالتقمه الحوت وهو مليم (٢) ، ثم تذهب الرواية بعد ذلك إلى أن الله أنجى يونس ، ثم أوحى إليه أن يذهب إلى ملك من أرسل إليهم وأن يطلب إليه أن يرسل معه بني إسرائيل ، فقالوا له : ما
__________________
(١) تفسير الطبري ٢٣ / ١٠٥.
(٢) في ظلال القرآن ٥ / ٢٩٩٨.