«فمه» قلت ، لا والله إلا أنك ذكرت لنا أول دعوة ، ثم جاء هذا الأعرابي فشغلك ، قال : «نعم دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين» ، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط ، إلا استجاب له» (١) ، ورواه الترمذي (٢) والنسائي : في اليوم والليلة ، في حديث إبراهيم بن محمد بن سعد عن أبيه سعد به (٣).
وهكذا استجاب الله تعالى لعبده يونس لأنه كان من قبل من المسبحين ، «فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ» (٤) ، روى ابن جرير عن ميمون بن مهران قال : سمعت الضحاك بن قيس يقول على منبره : اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة ، إن يونس كان عبدا لله ذاكرا ، فلما أصابته الشدة دعا الله ، فقال الله : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) ، فذكره الله بما كان منه» (٥) ، ومن ثم فقد استجاب الله لدعائه فلفظه الحوت على الشاطئ ، وكان سقيما عاريا ، قال ابن مسعود : كهيئة الفرخ ليس عليه ريش ، وقال ابن عباس والسّدى كهيئة الضبي حين يولد ، وهو المنفرش ليس عليه شيء (٦) ، وقال ابن زيد : ما لفظه الحوت حتى صار مثل الضبي المنفوس قد نشر اللحم والعظم ، فصار مثل الصبي المنفوس ، فألقاه في موضع ، وأنبت الله عليه شجرة من يقطين (٧) ، والجمهور على أن شجرة اليقطين هي «القرع» ، وفائدته أن الذباب لا يجتمع عنده ، وأنه أسرع الأشجار نباتا وامتدادا ، قيل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنك لتحب
__________________
(١) مسند الإمام أحمد ١ / ١٧٠.
(٢) تحفة الأحوذي ٩ / ٤٧٩.
(٣) تفسير ابن كثير ٣ / ٣٠٨ ، تفسير روح المعاني ١٧ / ٨٥.
(٤) سورة الصافات : آية ١٤٣ ـ ١٤٤.
(٥) تفسير الطبري ٢٣ / ١٠٠.
(٦) ابن كثير : البداية والنهاية ١ / ٢٣٥.
(٧) تفسير الطبري ٢٣ / ١٠٢.