السلام) ، ويؤيد هذا الفريق وجهة نظره هذه بعدة أدلة ، منها (أولا) : أن السفر لا يقول «صار قول الرب إلى إنسان» ، وإنما يقول «صار قول الرب إلى يونان بن أمتاي» (١) ، فالخطاب هنا موجه إلى شخص معين بذاته ، ومنها (ثانيا) : ما جاء في كلام السيد المسيح «لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ... رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه ، لأنهم تابوا بمناداة يونان وهو ذا الأعظم من يونان هاهنا» ، ومنها (ثالثا) : أن نبأ الحوت ليس من الحكايات التي غايتها أن تثير فضول الناس ودهشتهم ، بل غايته الرمز إلى موت المسيح وقيامته ، وأما بخصوص توبة أهل نينوى فمن المحتمل إنهم تابوا توبة وقتية فقط ، ولعل هذا السفر من عداد الأسفار النبوية ، لأن ما ورد فيه إنما يرمز إلى أمور مستقبلية (٢).
والرأي عندي أن «قصة الحوت» التي جاءت في سفر يونان (٣) هذا ، والتي ثار حولها جدل طويل بين علماء التوراة وشراحها ، ليس كما يزعم بعض الباحثين المحدثين ، قصة رمزية أو رواية تمثيلية في قالب تاريخي (٤) ، وإنما هي دونما أي ريب ، وبكل يقين المسلم وإيمانه بما جاء في كتاب الله (٥) ، وحديث المعصوم سيدنا ومولانا محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم (٦) كما رأينا من قبل ، إنما هي قصة تاريخية حقيقية ، لأنها فيما نعتقد ونؤمن به الإيمان كل
__________________
(١) يونان ١ / ١.
(٢) قاموس الكتاب المقدس ٢ / ١١٢٦ ـ ١١٢٧ ، محمد بيومي مهران : إسرائيل ٣ / ٥٢ ـ ٥٦.
(٣) يونان ١ / ١ ـ ٢ / ١٠.
(٤) قاموس الكتاب المقدس ٢ / ١١٢٦ ، حبيب سعيد : المرجع السابق ص ١٢٧.
(٥) انظر : سورة يونس : آية ٩٨ ، الأنبياء : آية ٨٧ ـ ٨٨ ، الصافات : آية ١٣٩ ـ ١٤٨ ، سورة القلم : آية ٤٨.
(٦) انظر : تفسير روح المعاني ١٧ / ٨٥ ، تفسير النسفي ٣ / ٨٧ ، تفسير الفخر الرازي ٢٢ / ٢١٦ ، تفسير الطبري ١٧ / ٨٢ ، تفسير ابن كثير ٣ / ٣٠٨ ، مسند الإمام أحمد ١ / ١٧٠ ، تحفة الأحوذي ٩ / ٤٧٩.