(الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ ، وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ ، وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ) ، وقوله تعالى : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ، وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ، وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (١).
وقال الألوسي في روح المعاني : وما يقال من أنه كان لغير رشده لقوله سبحانه وتعالى : (فَخانَتاهُما) ، فارتكاب عظيمة لا يقادر قدرها ، فإن الله قد طهر الأنبياء عليهمالسلام عما هو دون ذلك من النقص بمراحل ، فحاشاهم ثم حاشاهم أن يشار إليهم بإصبع الطعن ، وإنما المراد بالخيانة في الدين ، ونسبة هذا القول إلى الحسن ومجاهد كذب صريح.
وقال أبو السعود في بحره المحيط : وما يقال إنه كان لغير رشده لقوله «فخانتاهما» ، فارتكاب عظيمة لا يقادر قدرها فإن جناب الأنبياء ، صلوات الله وسلامه عليهم ، أرفع من أن يشار إليهم بإصبع الطعن ، وإنما المراد بالخيانة الخيانة في الدين ، وقال البيضاوي : وكان لغير رشده لقوله تعالى : (فَخانَتاهُما) ، وهو خطأ ، إذ أن الأنبياء عصمت من ذلك ، والمراد بالخيانة الخيانة في الدين.
وأما ما استند إليه البعض في عدم استبعاد أن تكون امرأة النبي زانية من القياس على الكفر ، الذي هو أشد ذنبا من الزنا ، وامرأة نوح كانت كافرة ، وقد ضربها الله مثلا في الكفر ، ومن أتى الذنب الأكبر يهون عليه الإتيان بالأصغر ، فواضح البطلان ، لأن كفر المرأة ، وإن كان من أكبر الكبائر لا يعود ضرره إلا عليها ، ولا يلحق الزوج منه عار ولا فضيحة بين الناس ، ولذلك أباح الله للمسلم أن يتزوج من الكتابيات ، بخلاف زناها ، فإنه ، وإن كان أصغر من الكفر ، لا يقصر ضرره عليها وحدها ، بل يلحق الزوج أيضا
__________________
(١) سورة النور : آية ٣ ، ٢٦ ، تفسير الطبري ١٥ / ٣٤٣ ، تفسير القرطبي ص ٣٢٧٤ ، عبد الوهاب النجار : قصص الأنبياء ـ القاهرة ١٩٦٦ ص ٤١.