بسببه عار وفضيحة بين الناس في مطرد العادة ، بحيث يكون بحالة لا يستطيع معها مجالسة الناس ، ومن ثم ، فقد نص ، كما يقول ابن كثير ، غير واحد من الأئمة على تخطئة من ذهب في تفسير هذا إلى أنه ليس بابنه ، وإنما كان ابن زانية (١).
وهناك وجه آخر للنظر يذهب إلى أنه كان ابن امرأته ، قاله الحسن ومجاهد وعبيد بن عمير وأبي جعفر الباقر وابن جريج (٢) ، وفي تفسير القرطبي ، قرأ عروة بن الزبير : «ونادى نوح ابنها» يريد ابن امرأته ، يقول القرطبي : إلا أنها قراءة شاذة ، فلا نترك المتفق عليه لها ، والله أعلم (٣).
على أن هناك وجها ثالثا للنظر ، يذهب إلى أنه ابنه من صلبه ، وهذا ما نؤمن به الإيمان كل الإيمان ، وإنه كان ممن سبق عليه القول بالغرق لكفره ومخالفته أباه نبيّ الله نوحا عليهالسلام ، قال ابن عباس : «ما بغت امرأة بني قط ، وأنه كان ابنه لصلبه ، وكذلك قال الضحاك وعكرمة وسعيد بن جبير وميمون بن مهران وغيرهم ، وإنه كان ابنه لصلبه ، وقيل لسعيد بن جبير يقول نوح : «إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي» أكان من أهله؟ أكان ابنه؟ فسبح الله طويلا ثم قال : لا إله إلا الله ، يحدث الله محمدا صلىاللهعليهوسلم ، إنه ابنه ، وتقول إنه ليس ابنه ، نعم كان ابنه ، ولكن كان مخالفا في النية والعمل والدين ، ولهذا قال الله تعالى : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) (٤).
ويقول القرطبي : وهو الصحيح في الباب إن شاء الله تعالى لجلالة من قال به ، وإن قوله «إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ» ليس مما ينفي عنه أنه ابنه ، وقوله «فخانتاهما» ، يعني في الدين ، لا في الفراش ، وذلك أن هذه كانت تخبر
__________________
(١) انظر : عبد الوهاب النجار : المرجع السابق ص ٤١ ـ ٤٥.
(٢) تفسير ابن كثير ٢ / ٦٩٣.
(٣) تفسير القرطبي ص ٣٢٧٥.
(٤) تفسير القرطبي ص ٣٢٧٤.