الناس أنه مجنون ، وذلك أنها قالت له : أما ينصرك ربك؟ فقال لها نعم ، قالت فمتى ، قال : إذا فار التنور ، فخرجت تقول لقومها : يا قوم والله إنه مجنون ، يزعم أنه لا ينصره الله إلا أن يفور هذا التنور ، فهذه خيانتها ، وخيانة الأخرى إنها كانت تدل على الأضياف (١).
وروى الطبري في تفسيره عن فضالة بن الفضل الكومي قال قال بزيغ : سأل رجل الضحاك عن ابن نوح ، فقال : ألا تعجبون إلى هذا الأحمق ، يسألني عن ابن نوح ، وهو ابن نوح ، كما قال الله تعالى : (قال نوح لابنه) ، وعن جويبر عن الضحاك قال : هو والله ابنه لصلبه ، وروى الطبري أيضا عن الضحاك إنه قرأ «وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ» ، وقوله «لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ» ، قال يقول : ليس هو من أهلك ، قال يقول : ليس هو من أهل ولايتك ، ولا ممن وعدتك أن أنجي من أهلك «إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ» ، قال يقول : «كان عمله في شرك» (٢).
وروى النسفي في تفسيره ، قال الشيخ أبو منصور رحمهالله ، كان عند نوح عليهالسلام أن ابنه كان على دينه لأنه كان ينافق ، وإلا لا يحتمل أن يقول ابني من أهلي ، ويسأله نجاته ، وقد سبق منه النهي عن سؤال مثله بقوله : (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) ، فكان يسأله على الظاهر الذي عنده ، كما كان أهل النفاق يظهرون الموافقة لنبينا عليه الصلاة والسلام ، ويضمرون الخلاف له ، ولم يعلم بذلك حتى أطلعه الله عليه ، وقوله : (لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) أي من الذين وعدت النجاة لهم ، وهم المؤمنون حقيقة في السر والظاهر (٣).
__________________
(١) تفسير القرطبي ص ٣٢٧٥.
(٢) تفسير الطبري ٥ / ٣٤٥.
(٣) تفسير النسفي ٢ / ١٩١ ـ ١٩٢.