وعلى أى حال ، فبعد ٣٧ سطرا ، نلتقي بمعبود يشير إلى أنه سوف ينقذ البشر من الهلاك وأن الإنسان سوف يبني المدن والمعابد ، ويلي ذلك ثلاثة سطور غامضة ، ربما كانت تتضمن ما سوف يبذله المعبود في هذا السبيل ، ثم الحديث عن خلق الإنسان والحيوان وربما النبات ... ثم ٣٧ سطرا ضائعة ، نعرف بعدها أن الملكية هبطت من السماء ، وأن خمس مدائن أسست ... ثم ٣٧ سطرا ضائعة ... ربما تشير إلى إصرار الآلهة على الإتيان بالفيضان وتدمير البشر ، وحين يصبح النص مقروءا نجد بعض الآلهة غير راضين ، وتجتاحهم التعاسة بسبب القرار القاسي .... ثم نلتقي ببطل القصة «زيوسودراZiusudra» الذي يوصف بالتقوى ، وبأنه ملك يخاف الإله ، ويكب على خدمته في تواضع وخشوع ، ويطيل النظر إلى المكان المقدس ، وهو يقيم بجوار حائط يستمع منه إلى صوت معبوده أنكى الذي أخبره بالقرار الذي اتخذه مجمع الآلهة بإرسال الطوفان «لإهلاك بذرة الجنس البشري».
ولعل من المؤكد أن ما يلي ذلك تعليمات مسهبة إلى «زيوسودرا» ببناء سفينة هائلة لينقذ نفسه من الهلاك ، غير أن هذا كله ناقص لوجود كسر كبير في اللوحة ، ربما كان يشغل ٤٠ سطرا ، ومن ثم فنحن ننتقل فجأة من موضوع تحذير الإله للإنسان إلى موضوع الطوفان ، فيصف اللوح العاصفة والأمطار وقد ثارت جميعا ، ثم تستمر الرواية فتقول «وبعد أن هبت العاصفة الممطرة على الأرض سبعة أيام وسبع ليال يكتسح الفيضان فيها الأرض ، ويدفع الفلك قدما على المياه المضطربة ، ثم يظهر بعد ذلك إله الشمس «أوتو» وهو يكسب الضوء على السماء والأرض ، وعند ما تخترق أشعة الشمس السفينة ، ويرى «زيوسودرا» نور ربه ، ويعلم بصفحة ، يخرج من الفلك ويسجد للرب مضحيا له بفحل وشاة».
ويلي ذلك كسر يشغل ٣٩ سطرا ، ثم تصف الأسطر الباقية كيف نفث الإله روح الخلود في «زيوسودرا» ، مستقرا بأرض دلمون ، حيث تشرق الشمس ، أي حيث القوة القاهرة للموت (١) ، دلمون التي هي مركز الخلق في الأساطير السومرية ، جنة الخلد ،
__________________
(١) E. O. James, Mythes et Rites dsns le Proche ـ Oeient Ancien, Paris, ٠٦٩١, p. ٧٤٢.