ولا يجوز أن يكون النبي أقل حالا من الأمة بالإجماع.
والثاني : وبتقدير إقدامه على الفسق لا يكون مقبول الشهادة لقوله (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) [الحجرات : ٦] لكنه شاهد عدل من الله بأنه شرع الدين وكذا يوم القيامة (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) [البقرة : ١٤٣].
الثالث : وبتقدير إقدامه على الكبيرة. يجب زجره وإيذاؤه ، لكنه محرّم (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ). [الأحزاب : ٥٧].
الرابع : أنه صلىاللهعليهوسلم لو أتى بمعصية لوجب علينا الاقتداء به لقوله (فَاتَّبِعُوهُ) [الأنعام : ١٥٣] والجمع بين الوجوب والحرمة محال.
الخامس : نعلم بالبديهة أنه قبيح لا شيء أقبح من نبي رفع الله درجته وجعله خليفة في عباده وبلاده ، ثم إنه يقدم على ما نهاه عنه ترجيحا لهواه حتى يستحق اللعن والعذاب.
السادس : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) [البقرة : ٤٤] يكون حينئذ منزلا في شأنه ، (وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ) [هود : ٨٨].
السابع : (إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) [الأنبياء : ٩٠] واللفظ للعموم فيشمل فعل ما ينبغي وترك ما لا ينبغي.
الثامن : (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ) [ص : ٤٧] (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) [الحج : ٧٥] والوصف بالاصطفاء ينافي الذنب.
التاسع : أنه تعالى حكى عن إبليس (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [ص : ٨٢ ، ٨٣] والأنبياء من المخلصين لقوله تعالى في حق يوسف (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [يوسف : ٢٤] وفي حق موسى (إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً) [مريم : ٥١] فكذا غيرهما.
العاشر : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [سبأ : ٢٠] ولا يخفى وجوب كون الأنبياء منهم وإلا كان غير النبي أفضل من النبي.
الحادي عشر : الخلق قسمان : حزب الله (أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [المجادلة : ٢٢] وحزب الشيطان (أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ) [المجادلة : ١٩] والعصاة حزب الشيطان ، فلا يجوز أن يكون النبي عاصيا.
الثاني عشر : النبي صلىاللهعليهوسلم أفضل من الملك كما مر والملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ، فالنبي أولى.