ونقيض المقصود زيادة في تبكيتهم. أما الكتاب فهو التوراة آتاه الله تعالى إياه جملة واحدة. عن ابن عباس أنها لما نزلت أمر الله موسى بحملها فلم يطق ذلك ، فبعث الله لكل آية منها ملكا فلم يطيقوا حملها ، فبعث الله لكل حرف منها ملكا فلم يطيقوا حملها ، فخففها الله على موسى عليهالسلام فحملها. القفو والتقفية الإتباع وهو من القفا كالتذنيب من الذنب أي أتبعنا على أثره رسلا كثيرين وهم يوشع وأشمويل وشمعون وداود وسليمان وشعيا وأرميا وعزير وحزقيل وإلياس واليسع ويونس وزكريا ويحيى وغيرهم. روي أن هؤلاء الرسل كانوا على شريعة واحدة إلى أيام عيسى عليهالسلام فإنه جاء بشريعة مجددة ناسخة لأكثر شرع موسى ، وكان المقصود من بعثة هؤلاء تنفيذ الشريعة السالفة وإحياء بعض ما اندرس منها ومن هنا قال صلىاللهعليهوسلم «علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل» «إن الله سيبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة من يجدد لها دينها» فقيل عيسى بالسريانية أيشوع أي المبارك ، ومريم بمعنى الخادم. وقيل مريم بالعبرية من النساء كالزير من الرجال وهو الذي يحب محادثة النساء ومجالستهن ، سمي بذلك لكثرة زيارته لهن وبه فسر قول رؤبة :
قلت لزير لم تصله مريمه
ووزن «مريم» عند أهل الصرف «مفعل» لأن فعيلا بفتح الفاء لم يثبت في الأبنية كما ثبت نحو «عثير» للغبار «وعليب» اسم واد. البينات المعجزات الواضحات كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وغير ذلك ، أيدناه قويناه من الأيد القوة ، وبروح القدس الروح المقدس كما يقال حاتم الجود ورجل صدق أي بجبريل سمي بذلك لأنه سبب حياة الدين كما أن الروح سبب حياة البدن ، ولأنه الغالب عليه الروحانية ، ولأنه لم تضمه أصلاب الفحول ولا أرحام الأمهات ، وقيل بالإنجيل كما قال (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) [الشورى : ٥٢] لأن العلم سبب حياة القلوب ، وقيل : باسم الله الأعظم الذي كان يحيي الموتى بذكره ، عن ابن عباس وسعيد بن جبير. وقيل : الروح الذي نفخ فيه ، والقدس والقدوس هو الله ، وإضافة الروح إليه تشريف وتعظيم كما يقال «بيت الله» و «ناقة الله». عن الربيع : وكون الروح هاهنا جبريل أظهر لأن اختصاصه بعيسى أكثر لأنه الذي بشر مريم بولادتها وقد تولد عليهالسلام من نفخة جبريل في أمه وهو الذي رباه في جميع الأحوال وكان يسير معه حيث سار وكان معه حين صعد إلى السماء.
قوله تعالى : (أَفَكُلَّما) وسطت الهمزة بين الفاء وما تعلقت به من قوله : (وَلَقَدْ