وعليهما مسرودتان قضاهما |
|
داود أو صنع السوابغ تبع |
ثم من قرأ (فَيَكُونُ) بالرفع على تقدير فهو يكون فلا إشكال ، وأما من قرأ بالنصب على أنه جواب الأمر فأورد عليه أن جواب الأمر لا بد أن يخالف الأمر في الفعل أو في الفاعل أو فيهما نحو : اذهب تنتفع ، أو اذهب يذهب زيد ، أو اذهب ينفعك زيد ، فإما أن يتفق الفعلان والفاعلان نحو : اذهب تذهب فغير جائز لأن الشيء لا يكون شرطا لنفسه. قلت : لا استبعاد في هذا ، لأن الغرض الذي رتب على الأمر قد يكون شيئا مغايرا لفعل الأمر وذلك أكثري ، وقد لا يكون الغرض إلا مجرد ذلك الفعل فيوقع في جواب نفسه ليعلم أن الغرض منه ليس شيئا آخر مغايرا له. فقول القائل «اذهب تذهب أو فتذهب» معناه إعلام أن الغرض من الأمر هو نفس صدور الذهاب عنه لا شيء آخر ، كما أن المقصود في الآية من الأمر بالوجود هو نفس الوجود ، فأوقع «كان» التامة جوابا لمثلها لهذا الغرض ، على أنه يمكن أن يشبه الواقع بعد الأمر بجواب الأمر وإن لم يكن جوابا له من حيث المعنى. فإن قلت : إن قوله (فَيَكُونُ) لما كان من تتمة المقول. فالصواب أن يكون بتاء الخطاب نحو «اذهب فتذهب» قلت : هذا الحادث قد ذكر مرتين بلفظ الغيبة في قوله (أَمْراً) وفي قوله (لَهُ) ومرة على سبيل الخطاب فغلب جانب الغيبة ، ويحتمل أن يكون من باب الالتفات تحقيرا لشأنه في سهولة تكونه ، ولأن أول الكلام مع المكلفين فروعي ذلك. وهاهنا بحث آخر وهو أنه لا يجوز أن يتوقف إيجاد الله تعالى لشيء على صدور لفظة «كن» منه لوجوه : الأول أن قوله (كُنْ) إما أن يكون قديما أو محدثا لا جائز أن يكون قديما ، لأن النون لكونه مسبوقا بالكاف يكون محدثا لا محالة ، والكاف لكونه متقدما على المحدث بزمان مقدر يكون محدثا أيضا ، ولأن «إذا» للاستقبال فالقضاء محدث ، وقوله «كن» مرتب عليه بفاء التعقيب ، والمتأخر عن المحدث محدث ، ولأن تكون المخلوق مرتب على قوله «كن» بالفاء والمتقدم على المحدث بزمان محصور محدث أيضا ، ولا جائز أن يكون «كن» محدثا وإلا احتاج إلى مثله ويلزم إما الدور وإما التسلسل وإذا بطل القسمان بطل توقف الأشياء على «كن» (الثاني) إما أن يخاطب المخلوق بـ «كن» قبل دخوله في الوجود وخطاب المعدوم سفه ، وإما بعد دخوله في الوجود لا فائدة فيه. (الثالث) المخلوق قد يكون جمادا وتكليف الجماد لا يليق بالحكمة. (الرابع) إذا فرضنا القادر المريد منفكا عن قوله (كُنْ) فإن تمكن من الإيجاد فلا حاجة إلى (كُنْ) ، وإن لم يتمكن فلا يكون القادر قادرا على الفعل إلا عند تكلمه بـ (كُنْ) فيلزم عجز القادر بالنظر إلى ذاته ، أو يرجع الحاصل إلى تسمية القدرة بـ (كُنْ) ولا نزاع في اللفظ. (الخامس) أنا نعلم بالضرورة أنه لا تأثير لهذه