المضاعفة على القدر المستحق وهذا الثاني على الفضل التابع للأجر. ويمكن أن يقال : الأول إشارة إلى السعادات الجسمانية ، والثاني إشارة إلى اللذات الروحانية والله أعلم.
التأويل : جملة الكبائر مندرجة تحت ثلاث : إحداها اتباع الهوى وينشأ منه البدع والضلالات وطلب الشهوات وحظوظ النفس بترك الطاعات ، وثانيتها حب الدنيا وينشعب منه القتل والظلم وأكل الحرام ، وثالثتها رؤية غير الله وهو الشرك والرياء والنفاق وغيرها. ثم أخبر أن الذين ليس بالتمني فقال : (وَلا تَتَمَنَّوْا) فإنه لا يحصل بالتمني ولكن (لِلرِّجالِ) المجتهدين في الله (نَصِيبٌ) مما جدّوا في طلبه (وَلِلنِّساءِ) وهم الذين يطلبون من الله غير الله (نَصِيبٌ) على قدر همتهم في الطلب (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ) فيه معنيان : سلوه من فضله الخاص وهو العلم اللدني (وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) ، [النساء : ١١٣] أو سلوه منه ولا تسألوه من غيره (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ) لكل طالب صادق جعلنا استعدادا في الأزل للوراثة مما ترك والداه وأقرباؤه ، طلبه لعدم الاستعداد والمشيئة. والذين جرى بينكم وبينهم عقد الأخوة في الله (فَآتُوهُمْ) بالنصح وحسن التربية والتسليك (نَصِيبَهُمْ) الذي قدّر لهم (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) بمصالح دينهن ودنياهن بتفضيل الله وهو استعداد الخلافة والوراثة (وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ) أي تجريدهم عن الدنيا وتفريدهم للمولى. (فَالصَّالِحاتُ) اللاتي يصلحن للكمال (قانِتاتٌ) مطيعات لله لهن قلوب (حافِظاتٌ) لواردات الغيب (بِما حَفِظَ اللهُ) عليهن حقائق الغيب وأسراره. (وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَ) إذا دارت عليهن كؤوس الواردات كما قيل :
فأسكر القوم دور كاس |
|
وكان سكري من المدير |
(فَعِظُوهُنَ) باللسان وخوّفوهن بالهجران ليتأدب السكران (وَاضْرِبُوهُنَ) بسوط الانفصال وفراق الإخوان كما كان حال الخضر مع موسى حيث قال : (هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) [الكهف : ٧٨] هذا قانون أرباب الكمال إذا رأوا من أهل الإرادة أمارات الملال أو عربدة من غلبات الأحوال. (وَإِنْ خِفْتُمْ) شقاقا بين الشيخ الواصل والمريد المتكامل (فَابْعَثُوا) متوسطين من المشايخ الكاملين ومن السالكين المعتبرين (إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً) بينهما بما رأيا فيه صلاحهما (يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) بالإرادة وحسن التربية (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) من الدنيا والعقبى لتتخلقوا بأخلاق الله وتحسنوا إلى الوالدين وغيرهما (إِحْساناً) بلا شرك ورياء وفخر وخيلاء والله ولي والتوفيق.
(فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (٤١) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً (٤٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا