والخطأ قتيل السوط والعصا فيه مائة من الإبل» (١) هذا عام سواء كان السوط أو العصا صغيرا أو كبيرا ، وأجيب بأن العصا والسوط يجب حملهما على الخفيف ليتحقق معنى الخطأ ، فإن من ضرب رأس إنسان بقطعة جبل ثم قال : ما كنت أقصد قتله لم يعبأ بقوله. الثالثة قال أبو حنيفة : القتل العمد لا يوجب الكفارة لأنه شرط في الآية أن يكون القتل خطأ ، وعند انتفاء الشرط لا يحصل المشروط. وقال الشافعي : يوجبها لما روي أن واثلة بن الأسقع قال : أتينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم في صاحب لنا أوجب النار بالقتل فقال : أعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضوا منه من النار. وأيضا نص الله تعالى على الكفارة في قتل الصيد عمدا في الحرم وفي الإحرام فأوجبها على الخاطئ بالاتفاق ، فههنا نص على الخاطئ فبأن نوجبه على العامد كان أولى لأنه لما أخرج نفسا مؤمنة عن جملة الإحياء عمدا لزمه أن يدخل نفسا مثلها في جملة الأحرار لأن إطلاقها من قبل الرق كاحيائها من قبل أن الرقيق ممنوع من تصرف الأحرار كما أن الميت ممنوع من التصرف مطلقا ، ولتحقيق هذا المعنى أوجب أن تكون الرقبة كاملة الرق ، وأن تكون سليمة عن عيب مخل بالعمل كهرم وعمى وجنون. الرابعة قال ابن عباس والحسن والشعبي والنخعي : لا تجزىء الرقبة إلّا إذا صام وصلى لأنه تعالى أوجب تحرير الرقبة المؤمنة. والإيمان إما التصديق وإما العمل وإما المجموع وعلى التقديرات فالكل فائت عن الصبي. وقال الشافعي ومالك وأبو حنيفة والأوزاعي : يجزىء الصبي إذا كان أحد أبويه مسلما لأن حكمه حكم المؤمن. الخامسة أنه تعالى أوجب الدية في القرآن ولم يبين كيفيتها وإنما عرفت من السنة. عن عمرو بن حزم أن النبي صلىاللهعليهوسلم كتب إلى أهل اليمن أن في النفس مائة من الإبل. وهذه المائة إذا كان القتل خطأ مخمسة عشرون منها بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون ابن لبون وعشرون جذعة وعشرون حقة. وبه قال مالك لما روي عن ابن مسعود أن النبي صلىاللهعليهوسلم قضى في دية الخطأ بمائة من الإبل وفصلها كما ذكرنا. وأبدل أبو حنيفة وأحمد أبناء اللبون بأبناء المخاض ، لأن هذا الأقل متفق عليه والزائد منفي بالبراءة الأصلية. وقال غيرهما : أبناء المخاض غير معتبرة في باب الزكاة فيجب أن لا تعتبر في الدية التي سببها أقوى من السبب الموجب للزكاة. واتفقوا على أن الدية في العمد المحض مغلظة من ذلك التثليث في الإبل ، وهو أن يكون ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة في بطونها أولادها. ومنه الحلول على قياس أبدال سائر المتلفات خلاف دية الخطأ فإنها مؤجلة الثلث في السنة الأولى ، والثلث الآخر في السنة
__________________
(١) رواه النسائي في كتاب القسامة باب ٣٢ ، ٣٣. ابن ماجه في كتاب الديات باب ٥. أحمد في مسنده (٢ / ٦٤ ، ١٦٦).