وأطمعوهم أنه سيضعف أمر محمد صلىاللهعليهوسلم ويقوى أمركم. فالمراد ألسنا غلبناكم على رأيكم في الدخول في الإسلام ومنعناكم منه وأرشدناكم إلى مصالحكم فادفعوا إلينا نصيبا مما وجدتم. وفي تسمية ظفر المؤمنين فتحا وظفر الكافرين نصيبا تثبيت للمؤمنين وتعظيم لما هم عليه من الدين وتحقير لشأن الكافرين وتوهين لأمرهم ، فكان ظفر المسلمين أمر عظيم يفتح له أبواب السماء حين ينزل على أولياء الله ، وظفر الكافرين حظ دنيوي ينقضي ولا يبقى منه إلّا الذم في الدنيا والعقاب في الآخرة (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ). أي بين المؤمن والمنافق. والغرض أنه يقال : ما وضع السيف على المنافقين في الدنيا ولكن أخر عقابهم إلى يوم القيامة (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) قال علي وابن عباس : المراد في الدنيا ولكن بالحجة أي حجة المسلمين غالبة على حجة الكل. وقيل : في الآخرة. وقيل : عام في الكل. والشافعي بنى عليه مسائل منها : أن الكافر إذا استولى على مال المسلم وأحرزه إلى دار الحرب لم يملكه بدلالة هذه الآية. ومنها أن الكافر ليس له أن يشتري عبدا مسلما. ومنها أنّ المسلم لا يقتل بالذمي والله تعالى أعلم.
التأويل : النفس للروح كالمرأة للزوج و (يَتامَى النِّساءِ) صفات النفوس و (ما كُتِبَ لَهُنَ) ما أوجب الله للنفوس من الحقوق. وحاصل المعنى أنّ نفسك مطيتك فارفق بها وإليه الإشارة بقوله : (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَ) فالروح تشح بترك حقوق الله ، والنفس تشح بحظوظها (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) في رفض حظوظ النفس (فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ) بين العالم العلوي والعالم السفلي (وَإِنْ يَتَفَرَّقا) أي الروح والنفس فالروح تجتذب بجذبة دع نفسك وتعال إلى سعة غنى الله في عالم هويته لتستغني عن مركب النفس بالوصول إلى المقصود. والنفس تجتذب عن الروح بجذبة ارجعي إلى ربك إلى سعة غنى الله في عالم فادخلي في عبادي وادخلي جنتي. (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا) للإيمان ثلاث مراتب : إيمان للعوام أن يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالبعث والجنة والنار والقدر وهذا إيمان غيبي ، وإيمان للخواص وهو أنه تعالى إذا تجلّى للعبد بصفة من صفاته خضع له جميع أجزاء وجوده وآمن بالكلية وهذا إيمان عياني ، وإيمان للأخص وهو بعد رفع الحجب الأنانية حين أفناه بصفة الجلال وأبقاه بصفة الجمال فلم يبق له إلا عين وبقي في العين وهذا إيمان عيني. (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) أي بالتقليد (ثُمَّ كَفَرُوا) إذ لم يكن للتقليد أصل (ثُمَّ آمَنُوا) بالاستدلال العقلي (ثُمَّ كَفَرُوا) إذ لم تكن عقولهم مشرقة بالنور الإلهي (ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً) بالشبهات والاعتراضات (لَمْ يَكُنِ اللهُ) في الأزل غافرا لهم بنوره عند الرش (وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) اليوم لأن الأصل لا يخطىء (بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ) أي بشرهم بأن أصلهم من