التفسير : قال الزجاج : أي يخادعون رسول الله صلىاللهعليهوسلم أي يظهرون له الإيمان ويبطنون الكفر كقوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) [الفتح : ١٠] وهو خادعهم اسم فاعل من خادعته فخدعته إذا غلبته وكنت أخدع منه. قال ابن عباس : يعطيهم نورا كما يعطي المؤمنين فإذا وصلوا إلى الصراط انطفأ نورهم ويبقى نور المؤمنين فينادون انظرونا نقتبس من نوركم. وباقي تفسير المخادعة تقدم في أول البقرة. كسالى جمع كسلان كسكارى في سكران أي يقومون متثاقلين متباطئين متقاعسين كما يرى من يفعل شيئا على كره لا عن طيب نفس ورغبة وهو معنى الكسل. والسبب في ذلك أنهم يبتغون بها في الحال ولا يرجون من فعلها ثوابا ولا يخافون من تركها عقابا. (يُراؤُنَ النَّاسَ) أي لا يقومون إلى الصلاة إلّا لأجل الرياء والسمعة. ومعنى المفاعلة في الرياء أن المرائي يرى الناس عمله وهم يرونه استحسان ذلك العمل ، أو فاعل هاهنا بمعنى فعل بالتشديد كقولك : ناعمة ونعمه. (وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ) أي ولا يصلون (إِلَّا قَلِيلاً) لأنه متى لم يكن معهم أحد من الأجانب لا يصلون ، وإذا كانوا مع الناس فعند دخول وقت الصلاة يتكلفون حتى يصيروا غائبين عن أعين الناس ، فإن لم يجدوا مندوحة فحينئذ يصلون. وقيل : إنهم في صلاتهم لا يذكرون الله إلا قليلا وهو الذي يظهر مثل التكبيرات ، فأما الذي يخفى وهو القراءة والتسبيحات فهم لا يذكرونها. وقيل : إنهم لا يذكرون الله في جميع الأوقات إلا ذكرا قليلا في الندرة كما ترى من بعض المتهاونين بأمور الدين لو صحبته أياما وليالي لم تسمع منه تهليلة ولا تسبيحة ولا تحميدة ، ولكن حديث الدنيا يستغرق أوقاته ، ويجوز أن يراد بالقلة العدم ، قال قتادة : يريد أن الله لا يقبل صلاتهم لأن ما رده الله فكثيره قليل ، وما قبله الله فقليله كثير. ومعنى مذبذبين ذبذبهم الشيطان والهوى. وحقيقة المذبذب الذي يذب عن كلا الجانبين أي يذاد ويدفع إلا أن الذبذبة فيها تكرير ليس في الذب كأن المعنى كلما مال إلى جانب ذب عنه. وقرأ ابن عباس (مُذَبْذَبِينَ) بالكسر أي يذبذبون قلوبهم أو دينهم أو رأيهم. وعن أبي جعفر «مدبدبين» بالدال غير المعجمة والمعنى أخذ بهم تارة في دبة وتارة في دبة والدبة الطريقة. ومعنى (بَيْنَ ذلِكَ) أي بين الكفر والإيمان لأن ذكر الكافرين والمؤمنين يدل على الكفر والإيمان وذلك قد يشار به إلى اثنين كقوله : (عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) [البقرة : ٦٨] واعلم أن السبب في التذبذب هو أن الفعل يتوقف على الداعي ، فإذا كان الداعي إلى الفعل هو الأغراض المتعلقة بأحوال هذا العالم وأنها سيالة متغيرة لزم وقوع التغير في الميل والرغبة ، وإذا تعارضت الدواعي والصوارف بقي الإنسان في الحيرة والتردد ، وأما من كان مطلوبه في فعله اقتناء الخيرات الباقية واكتساب السعادات الروحانية وعلم أن تلك المطالب أمور باقية بريئة عن التغير والزوال ، لا جرم كان هذا الإنسان ثابتا في