(فَبِظُلْمٍ) ومتعلقه (حَرَّمْنا) وكذا متعلق المعطوفات بعده. الثاني أن متعلق الكل (حَرَّمْنا) وقوله : (فَبِظُلْمٍ) بدل من قوله : (فَبِما نَقْضِهِمْ) قاله الزجاج. ويرجح الأوّل بأن حذف المتعلق أفخم ليذهب الوهم كل مذهب ، ولأنّ تحريم الطيبات عقوبة خفيفة فلا يحسن تعليقها بتلك الجنايات العظائم. قلت : لو جعل قوله : (وَأَعْتَدْنا) معطوفا على (حَرَّمْنا) زال هذا الإشكال ، أما تكرار الكفر في الآيات ثلاث مرات ويلزم من عطف الثالث على الأوّل أو على الثاني عطف الشيء على نفسه فقد أجاب عنه في الكشاف بأنه قد تكرر منهم الكفر لأنهم كفروا بموسى ثم بعيسى ثم بمحمد صلىاللهعليهوسلم فعطف بعض كفرهم على بعض ، أو عطف مجموع المعطوف على مجموع المعطوف عليه كأنهم قيل : فبجمعهم بين نقض الميثاق والكفر بآيات الله ، وقتل الأنبياء عليهمالسلام ، وقولهم قلوبنا غلف ، وجمعهم بين كفرهم وبهتهم مريم وافتخارهم بقتل عيسى ، عاقبناهم أو بل طبع الله عليها بكفرهم وجمعهم بين كفرهم وكذا وكذا. ثم وصف طريقة المؤمنين المحقين منهم فقال : (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ) يعني عبد الله بن سلام وأضرابه ممن نبت في العلم وثبت وأتقن واستبصر حتى حصلت له المعارف بالاستدلال واليقين دون التقليد والتخمين ، لأن المقلد يكون بحيث إذا شكك تشكك ، أما المستدل فإنه لا يتشكك البتة (وَالْمُؤْمِنُونَ) يريد المؤمنين منهم أو المؤمنين من المهاجرين والأنصار. والراسخون مبتدأ و (يُؤْمِنُونَ) خبره. أما قوله : (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) ففيه أقوال : الأوّل روي عن عثمان وعائشة أنهما قالا : إن في المصحف لحنا وستقيمه العرب بألسنتها ، ولا يخفى ركاكة هذا القول لأن هذا المصحف منقول بالتواتر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فكيف يمكن ثبوت اللحن فيه؟ الثاني قول البصريين إنه نصب على المدح لبيان فضل الصلاة (وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ) رفع على المدح لبيان فضل الزكاة كقولك : جاءني قومك المطعمين في المحل والمغيثون في الشدائد. فتقدير الآية أعني المقيمين الصلاة وهم المؤتون الزكاة (وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) وطعن الكسائي في هذا القول بأن النصب على المدح إنما يكون بعد تمام الكلام وهاهنا الخبر وهو قوله : (أُولئِكَ) إلخ منتظر. والجواب أن الخبر (يُؤْمِنُونَ) ولم سلم فما الدليل على أنه لا يجوز الاعتراض بالمدح بين المبتدأ وخبره؟ الثالث وهو اختيار الكسائي أن المقيمين خفض للعطف على ما في قوله : (أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) والمراد بهم الأنبياء لأنه لم يخل شرع واحد منهم من الصلاة. قال تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ) [الأنبياء : ٧٣] أو الملائكة لقوله : (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) [الصافات : ١٦٥] واعلم أن العلماء ثلاثة أقسام : العلماء بأحكام الله وتكاليفه وشرائعه ، والعلماء بذات الله وصفاته الواجبة والممتنعة وأحوال