نزر. قال المفسرون : إنها نزلت في مناظرة جرت بين فريقين إلا أنهم اختلفوا فقيل : «كافر» و «مؤمن» لقوله (كَمَنْ آمَنَ) وقصة ما مر أن العباس بن عبد المطلب حين أسر يوم بدر قال : لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد فلقد كنا نعمر المسجد الحرام ونسقي الحاج. وروي أن المشركين قالوا لليهود : نحن سقاة الحجيج وعمار المسجد الحرام أفنحن أفضل أم محمد وأصحابه؟ فقالت اليهود لهم : أنتم أفضل. وقيل : إن كلا الفريقين مؤمن لقوله (أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً) وهذا يقتضي أن يكون للمفضول أيضا درجة. وقصته ما روى عن النعمان بن بشير قال : كنت عند منبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال رجل : لا أبالي أن لا أعمل عملا بعد أن أسقي الحاج. وقال الآخر : ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد أن أعمر المسجد الحرام. وقال آخر : الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم : فزجرهم عمر وقال : لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وذلك يوم الجمعة ولكني إذا صليت دخلت فاستفتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما اختلفتم فيه ففعل فأنزل الله الآية. ويروى عن الحسن والشعبي أن طلحة قال : أنا صاحب البيت بيدي مفتاحه ولو أشاء بت فيه. وقال العباس : وذلك بعد إسلامه أنا صاحب السقاية والقائم عليها. وقال عليّ رضياللهعنه : ما أدري ما تقولان لقد صليت ستة أشهر قبل الناس وأنا صاحب الجهاد فنزلت. وعن ابن سيرين : قال عليّ رضياللهعنه للعباس بعد إن كان أسلم : ألا تهاجر ألا تلحق بالنبي صلىاللهعليهوسلم؟ ففقال : ألست في أفضل من الهجرة ، ألست أسقي حاج بيت الله وأعمر المسجد الحرام؟ فنزلت هذه الآية. فقال العباس : ما أراني إلا ترك سقايتنا. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «أقيموا على سقايتكم فإن لكم فيها خيرا». والسقاية والعمارة مصدران من سقي وعمر ، ولا بد من تقدير مضاف أي أجعلتم أهل سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن ، أو أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كخصال من آمن؟ ثم كان لسائل أن يسأل ما بال أحد الفريقين لا يشبه بالآخر فلا جرم قال مستأنفا (لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ) ثم صرح بالمفضول فقال (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أي المشركين (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) وأي ظلم أشنع من وضع أخس الموجودات وهو الأصنام مقام أشرفها وهو الله سبحانه. وإنما لم يهدهم الله لعدم قابلية وقع في استعدادهم الفطري. وذلك لكونهم مظاهر القهر فافهم. ثم صرح بالفريق الفاضل فقال (الَّذِينَ آمَنُوا) الآية. ثم من قال إن الفريقين المتناظرين كافر ومؤمن أورد عليه أن قوله (أَعْظَمُ دَرَجَةً) وجب أن يكون للمفضول أيضا درجة ولكنه ليس للكافر درجة. وأجيب بأن هذا وارد على حسب ما كانوا يقدرونه لأنفسهم من الدرجة والفضيلة نظيره