يوم على ما عرف من علم النجوم وعمل الزيجات ، والسنة الشمسية وهي عبارة عن عود الشمس من أية نقطة تفرض من الفلك إليها بحركتها الخاصة ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم إلا كسرا قليلا ، فالسنة القمرية أقل من السنة الشمسية بعشرة أيام وإحدى وعشرين ساعة وخمس ساعة تقريبا ، وبسبب هذا النقصان تنتقل الشهور القمرية من فصل إلى فصل فيكون الحج واقعا في الشتاء مرة وفي الصيف أخرى ، وكذا في الربيع والخريف ، فكان يشق الأمر عليهم إذ ربما كان وقت الحج غير موافق لحضور التجار من الأطراف فكان يختل أسباب تجاراتهم ومعايشهم فلهذا السبب أقدموا على عمل الكبيسة بحيث يقع الحج دائما عند اعتدال الهواء ، وإدراك الثمار والغلات وذلك بقرب حلول الشمس نقطة الاعتدال الخريفي ، فكبسوا تسع عشر سنة قمرية بسبعة أشهر قمرية حتى صارت تسع عشرة سنة شمسية فزادوا في السنة الثانية شهرا ثم في الخامسة ثم في السابعة ثم في العاشرة ثم في الثالثة عشرة ثم في السادسة عشرة ثم في الثامنة عشرة ، وذلك ترتيب بهر يحوج عند المنجمين ، وقد تعلموا هذه الصفة من اليهود والنصارى فأنهم يفعلون هكذا لأجل أعيادهم ، فالشهر الزائد هو الكبس وسمي بالنسيء لأنه المؤخر والزائد مؤخر عن مكانه ، وهذا التفسير يطابق ما روي أنه صلىاللهعليهوسلم خطب في حجة الوداع وكان في جملة ما خطب به : «ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ، ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان» (١) والمعنى رجعت الأشهر إلى ما كانت عليه وعاد الحج في ذي الحجة وبطل النسيء الذي كان في الجاهلية. وقد وافقت حجة الوداع ذا الحجة في نفس الأمر فكانت حجة أبي بكر قبلها وفي ذي القعدة التي سموها ذا الحجة. وإنما لزم العتب عليهم في هذا التفسير لأنهم إذا حكموا على بعض السنين بأنها ثلاثة عشر شهرا كان مخالفا لحكم الله بأن عدّة الشهور اثنا عشر شهرا أي لا أزيد ولا أنقص وإليه الإشارة بقوله (ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) على هذا التفسير. ويلزمهم أيضا ما لزمهم في التفسير الأول من تغيير الأشهر الحرم عن أماكنها ، فيجوز أن تكون الإشارة إلى المجموع. ومعنى قوله (يُحِلُّونَهُ عاماً) أي يحلون النسيء في عام الكبس ويحرمونه عاما أي في غير سنة الكبس. ومعنى قوله (لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ) ما روي أنه كان يقوم في الموسم منهم خطيب ويقول : أنا أنسئ لكم في هذه السنة شهرا وكذا أفعل في كل سنين أقبلت حتى يأتي حجكم وقت الإدراك فينسىء المحرم ويجعله كبيسا. ثم إنه متى انتهت النوبة إلى
__________________
(١) رواه أحمد في مسنده (٥ / ٧٣).