الدينية ، وكان من نتاجها « المراجعات » وطبعت سنة ١٣٥٥ هـ.
كلام السيّد في مقدّمة المراجعات :
ويقول السيد في مقدمة هذا الكتاب :
« هذه صحف لم تكتب اليوم ، وفكر لم تولد حديثاً ، وإنما هي صحف انتظمت منذ زمنٍ يربو على ربع قرن ، وكادت يومئذ أن تبرز بروزها اليوم ، لكن الحوادث والكوارث كانت حواجز قوية عرقلت خطاها ...
أما فكرة الكتاب فقد سبقت مراجعاته سبقاً بعيداً ، إذ كانت تلتمع في صدري منذ شرخ الشباب ، التماع البرق في طيّات السحاب ، وتغلي في دمي غليان الغيرة ، تتطلع إلى سبيل سويّ يوقف المسلمين على حد يقطع دابر الشغب بينهم ...
ضقت ذرعا بهذا ، وامتلأت بحمله همّاً ، فهبطت مصر أواخر سنة ١٣٢٩ مؤملا في « نيله » نيل الأمنية التي أنشدها ، وكنت ألهمت أني موفق لبعض ما أريد ...
وهناك ـ على نعمى الحال ، ورخاء البال ، وابتهاج النفس ـ جمعني الحظّ السعيد بعلم من أعلامها المبرزين ، بعقل واسع ، وخلق وادع ، وفؤاد حيّ ، وعلم عيلم ، ومنزل رفيع ، يتبوأه بزعامته الدينية ، بحق وأهلية ...
فكان مما اتفقنا عليه ... أن أعظم خلاف وقع بين الأمة : اختلافهم في الإمامة ... ولو أن كلا من الطائفتين نظرت في بينات الأخرى ـ نظر المتفاهم لا نظر الساخط المخاصم ـ لحصحص الحق وظهر الصبح لذي عينين.
وقد فرضنا على أنفسنا أن نعالج هذه المسألة ، بالنظر في أدلة الطائفتين ، فنفهمها فهما صحيحا ، من حيث لا نحس إحساسنا المجلوب من المحيط والعادة والتقليد ، بل نتعرى من كل ما يحوطنا من العواطف والعصبيات ، ونقصد الحقيقة من طريقها المجمع على صحته ، فنلمسها لمساً ، فلعلّ ذلك يلفت